منتدى الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

كتاب الفتاوي الواضحة

اذهب الى الأسفل

كتاب الفتاوي الواضحة Empty كتاب الفتاوي الواضحة

مُساهمة من طرف سلاطين الأربعاء سبتمبر 24, 2008 11:39 am

[size=9]بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الصفحة 223
الـطهـارة
3
الغُسل
O أحكام عامّة للغُسل
O غسل الجنابة وأحكامها
O غسل الحيض
O المستحاضة وأحكامها
O النفاس وأحكامه
O أحكام الأموات
O الغسل من مسّ الميّت
O الأغسال المستحبّة
الصفحة 224
الصفحة 225
أحكام عامّة للغسل
تمهيد :
( 1 ) الغسل : هو غسل كلّ البدن ـ الرأس والرقبة والجسد ـ وبكيفية تأتي تفاصيلها.
ومنه مستحبّ ومنه واجب، والواجب على قسمين :
واجب لنفسه، وهو غسل الأموات، فإنّ وجوبه ليس من أجل شيء آخر، بل من أجل نفسه.
وواجب لغيره، وهو ماوجب من أجل القيام بواجب آخر بوصفه من الإجراءات التي تمهّد له، كغسل الجنابة الذي يجب من أجل الصلاة مثلا.
والغسل الواجب لغيره أنواع : غسل الجنابة، وغسل الحيض، وغسل الاستحاضة، وغسل النفاس، وغسل مسّ الميّت.
وإذا عطفنا غسل الأموات على هذه الخمسة يكون مجموع الأغسال الواجبة ستّة أنواع. ونتكلّم عن كلّ واحد من الستّة في بحث مستقلٍّ.
والأغسال المتسحبّة كثيرة، ولها أوقاتها، أو مواقعها الخاصّة المحدودة شرعاً، وتأتي الإشارة إلى بعضها : كالغسل في يوم الجمعة، والغسل لمن أراد الإحرام لعمرة أو لحجّ.
الصفحة 226
والأغسال الواجبة والمستحبّة كلّها عبادات، كالوضوء، فلا يصحّ شيء منها إلاّ مع نية القربة.
وتعتبر هذه الأغسال طهارةً ونظافةً شرعاً.
( 2 ) وكلّ غسل لم يأمر به الشارع إلزاماً ووجوباً أو ندباً واستحباباً ليس عبادةً ولا طهارة، ولا أثر له شرعاً، فإذا اغتسل الإنسان في غير المواقع التي أمر الشارع فيها بالغسل ـ إلزاماً ووجوباً أو استحباباً وندباً ـ لم يصحّ، ولم تقع به الطهارة شرعاً، وبذلك يختلف الغسل عن الوضوء، فقد عرفنا سابقاً أنّ الوضوء طاعة ومندوب في نفسه في كلّ الأحوال والمواقع ; لأ نّه مستحبّ في كلّ الظروف، فمتى توضّأ بنية القربة صحّ وضوؤه واعتبر متطهّراً.
وكلّ واحد من الأنواع الخمسة للغسل الواجب لغيره له سببه الذي يوجبه : كالجنابة والحيض والنفاس والاستحاضة ومسّ الميّت، وهذه الأسباب الموجبة للغسل يسمّى واحدها في عرف الفقهاء بالحدث الأكبر ; تمييزاً لها عن نواقض الوضوء التي يطلق على كلٍّ منها اسم الحدث الأصغر، والوضوء طهارة من الحدث الأصغر، والغسل طهارة من الحدث الأكبر.
( 3 ) وكلّ عمل مشروط بالطهارة من الحدث الأصغر ـ أي الوضوء ـ فهو مشروط بالطهارة من الحدث الأكبر، كالصلاة وغيرها، على ما تقدم في الوضوء في الفقرة ( 73 ).
( 4 ) وكلّ ما يحرم على المحدِث بالحدث الأصغر حتّى يتوضّأ يحرم أيضاً على المحدِث بالحدث الأكبر حتّى يغتسل، فيحرم عليه مسّ كتابة المصحف الشريف، كما تقدم في الفقرة ( 76 ) من الوضوء.
وهناك أشياء إضافية تحرم بسبب بعض الأحداث الكبيرة ـ كالجنابة والحيض ـ يأتي الحديث عنها في فصولها.
الصفحة 227
( 5 ) وإذا صدر من المكلّف الحدث الأصغر الموجب للوضوء والحدث الأكبر الموجب للغسل كفاه أن يغتسل وأجزأه ذلك عن الوضوء، وكذلك إذا اغتسل بدون حدث أكبر في المواقع التي يكون الغسل فيها مستحباً فإنّه يكفي ويجزي عن الوضوء أيضاً(1).
وإجزاء الغسل عن الوضوء وكفايته عنه له استثناء واحد بالنسبة إلى غسل المستحاضة، يأتي توضيحه عند الحديث عن أحكامها، وبيان أنّ غسلها يجب أن يُضمّ إليه الوضوء أحياناً.
( 6 ) وإذا تراكمت أسباب الغسل ـ كمن أجنب ومسّ ميّتاً، أو كالمرأة تنقى من حيضها ويقاربها زوجها فتجنب ـ كفى غسل واحد يقصد به كلّ ما عليه من أغسال، أو واحداً معيّناً عنه فيكفيه عن الباقي.
كيف يغتسل المكلّف ؟
( 7 ) الأنواع الخمسة من الغسل الواجب لغيره والأغسال المستحبّة كلّها تتّفق في كيفية الغسل، فالجنب والحائض إذا نقت، والمستحاضة إذا ابتليت باستمرار الدم، والنفساء إذا انتهى نفاسها، والإنسان إذا مسّ ميّتاً، والمتطوّع إذا تطوّع بغسل جمعة أو غيره من الأغسال المستحبّة كلّ هؤلاء يغسلون على نحو واحد.
ويتميّز عن ذلك جميعاً غسل الأموات فإنّ له كيفيةً خاصّةً به، وسوف نشرح هنا كيفية الغسل العامة، تاركين الكيفية التي يتميّز بها غسل الأموات إلى الفصل المختصّ به.
(1) يكفي ويجزي بمعنى واحد، من الكفاية والإجزاء.(منه (رحمه الله)).
الصفحة 228
الشروط :
الغسل طهارة مائية ; لأ نّه لا يتمّ إلاّ بالماء.
( 8 ) والشروط في ماء الغسل هي نفس الشروط في ماء الوضوء، من إطلاق الماء، وطهارته، وإباحته. وينطبق هنا كلّ ما تقدم في الفقرة ( 2 ) و ( 3 ) و ( 4 ) و ( 5 ) و ( 6 ) من فصل الوضوء.
( 9 ) والشروط في المغتسِل هي :
أوّلا : طهارة المواضع التي تُغسَل.
وثانياً : أن يكون المغتسِل في حالة صحّية على نحو لا يضرّ به الغسل ضرراً خطيراً(1).
وثالثاً : نية القربة.
وكل ذلك كما تقدم نظيره في الوضوء في الفقرة ( 7 ). وكان من شروط المتوضّئ أن يكون في مكان مباح عند المسح، وحيث لا مسح في الغسل فليس هذا من شروط المغتسل. وكلّ ما تقدم في الفقرات ( 8 ) و ( 9 ) و ( 10 ) و ( 11 ) و ( 12 ) من شروط المتوضّئ وأحكام النية يجري هنا أيضاً.
وقد تقدّم في الفقرة ( 15 ) من الوضوء : أنّ المباشرة شرط في الوضوء، وكذلك هي شرط في الغسل بالمعنى المتقدّم في تلك الفقرة.
كيفية الغسل :
للغسل الشرعي صورتان : ترتيب وارتماس.
(1) المقياس أن لا يضرّ الغسلُ به ضرراً يُجتنب عنه عقلائيّاً.
الصفحة 229
( 10 ) والترتيب : أن تفيض الماء على الرأس والرقبة كيفما بدأتَ وانتهيت، ولا تدع منهما شيئاً، ثمّ على سائر البدن كيف اتّفق، إن شئت قدّمت الجانب الأيمن، وإن شئت قدّمت الأيسر، وإن شئت أفضت عليهما معاً دفعةً واحدةً، ويجب الاستيعاب والاستغراق، وغسل البشرة والشعر معاً.
ولا يكفي إذا كان العضو في داخل الماء أن تحرّكه وهو في الماء(1)، فإنّ تحريك العضو في داخل الماء ليس غسلا له، وإنّما يحصل الغسل بإدخاله فيه بقصد الغسل أو صبّ الماء عليه.
ولا يجب التتابع في الغسل، بل يمكنك أن تغسل رأسك أو شيئاً من رأسك في ساعة، وتكمل في ساعة اُخرى ولو طال الفاصل الزمني.
( 11 ) أمّا غسل الارتماس فهو : أن يرمس الجنب جميع بدنه في الماء، سواء كان الماء كرّاً أو أقلّ من ذلك بحيث يستوعب الأجزاء ويغمرها بالكامل. وإذا كان الشعر كثيفاً ومتراكماً فرّقه بيده حتّى يعلم بوصول الماء إلى الكلّ عند ارتماسه في الماء، وأيّ موضع من البدن لا يصل إليه الماء عادةً بتلك الارتماسة يجب غسله على الفور وبلا فاصل ملحوظ.
وتبدأ النية في الارتماس بابتداء عملية الارتماس، ولا يكفي أن تكون عند تغطية تمام البدن فقط.
سلاطين
سلاطين
Admin

ذكر عدد الرسائل : 53
العمر : 47
الموقع : www.islamhouse.com
تاريخ التسجيل : 16/05/2008

https://binbaz.mam9.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كتاب الفتاوي الواضحة Empty رد: كتاب الفتاوي الواضحة

مُساهمة من طرف سلاطين الأربعاء سبتمبر 24, 2008 11:41 am

( 12 ) وفي الترتيب والارتماس معاً يجب غسل الشعر، طويلا كان أم قصيراً، كثيفاً أم رقيقاً، كما يجب غسل ماتحته من الجلد، ولا يجب غسل ما يعدّ من باطن الجسم لا من ظاهره، كباطن الأنف، ومطبق الشفتين، ولا ما يشكّ في

____________

(1) هذا الحكم عندنا حكم احتياطي احتياطاً استحبابيّاً.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 230

--------------------------------------------------------------------------------



أ نّه من الباطن أو الظاهر إلاّ مع العلم السابق بأ نّه كان من الظاهر طرأ الاحتمال والشكّ في تبدّله وتحوّله إلى الباطن.

( 13 ) والغسل الترتيبي خير من الارتماسي وأحسن عملا، ومن عزم على الغسل الترتيبي وابتدأ به فله أن يعدل عنه إلى الارتماسي.

ويجب أن يلاحظ في الغسل الترتيبي والارتماسي معاً الاُمور التالية :

( 14 ) أوّلا : أن يكون قاصداً للغسل عند إيصال الماء إلى البدن ; وذلك بإسالة الماء عليه، أو بإدخال البدن في الماء بنيّة الغسل، ولا يكفي إذا كان العضو أو البدن في داخل الماء أن تحرّكه وهو في الماء(1). فمن غمس بدنه في حوض أو بركة وغمره الماء وأراد أن يغتسل بذلك الحوض أو البركة فلا يمكنه أن ينوي الغسل وهو هكذا ويكتفي بتحريك جسده، بل يتعيّن عليه إذا أراد الغسل الارتماسي أن يخرج شيئاً من بدنه(2) كجبهته وعينيه ـ مثلا ـ ويعود إلى الماء مرّةً ثانيةً بقصد الغسل، وإذا أراد الغسل الترتيبي يتعيّن عليه عند غسل رأسه ورقبته أن يخرج كامل رأسه ورقبته ثمّ يغمسهما في الماء بقصد الغسل، وعند غسل سائر جسده أن يخرجه كاملا من الماء ثمّ يغمسه فيه بقصد الغسل.

( 15 ) ثانياً : أن يمسّ الماء بدن المغتسل بدون حاجز ومانع، بالتفاصيل المتقدّمة في الفقرة ( 25 ) من فصل الوضوء.

( 16 ) ثالثاً : أن يكون الماء بدرجة تجعله يستولي ويجري على بدن المغتسل، كما تقدّم بشأن الوضوء في الفقرة ( 26 ).


____________

(1) هذا الحكم عندنا حكم احتياطي احتياطاً استحبابيّاً.

(2) بل الاحتياط الكامل هو أن يُخرِج تمام بدنه.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 231

--------------------------------------------------------------------------------



صدور ما يوجب الوضوء في أثناء الغسل :

( 17 ) إذا حدث منه ـ أو منها ـ ما يوجب الوضوء كالبول ونحوه وهو قائم بعملية الغسل من الجنابة، أو من مسّ الميّت، أو غيرهما من الأنواع الخمسة الواجبة من الغسل فماذا يصنع ؟

الجواب : يتمّ الغسل، وترتفع بذلك الجنابة أو غيرها ممّا أوجب الغسل، ولكنّه لا يجزي ولا يكفي عن الوضوء فيجب عليه أن يتوضّأ. وإذا عدل المغتسِل بعد صدور ما يوجب الوضوء منه من الغسل الترتيبي إلى الارتماسي جاز له ذلك، وأجزأه عن الوضوء أيضاً في كلّ حالة كان الغسل فيه مجزياً عن الوضوء بمقتضى نوعه وأصله.

صدور ما يوجب الغسل في أثناء الغسل :

( 18 ) إذا أحدث بما يوجب الغسل وهو قائم بعملية الغسل فما هو الحكم ؟

الجواب : إن كان الموجب الثاني من نوع الموجب الأول ـ كما لو كان يغتسل من الجنابة وأجنب ثانيةً ـ استأنف الغسل وأعاده من جديد.

وإن كان الموجب الثاني مبايناً للموجب الأول في النوع ـ كما لو مسّ الميّت في أثناء غسل الجنابة ـ فله أن يتمّ الغسل مستمرّاً على نيته، ولكن على وجه الرجاء والاحتمال في أنّ وظيفته الإتمام(1)، ثمّ يعيد الغسل على أساس احتمال أنّ إعادته مطلوبة شرعاً. وله أيضاً أن يقطع الغسل ويأتي بغسل جديد.

فإن أتى بالارتماسي ساغ له أن ينوي بالغسل المستأنف الجنابة أو مسّ

____________

(1) بمعنى : أ نّه حين يمارس إتمام الغسل لا يفترض بصورة مؤكّدة أنّ ذلك مطلوب منه، بل يتمّه على أساس احتمال أ نّه مطلوب.(منه (رحمه الله)).
سلاطين
سلاطين
Admin

ذكر عدد الرسائل : 53
العمر : 47
الموقع : www.islamhouse.com
تاريخ التسجيل : 16/05/2008

https://binbaz.mam9.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كتاب الفتاوي الواضحة Empty رد: كتاب الفتاوي الواضحة

مُساهمة من طرف سلاطين الأربعاء سبتمبر 24, 2008 11:42 am

--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 232

--------------------------------------------------------------------------------



الميت أو كلا الأمرين، وإن استأنفه بالترتيب نوى الخروج عن العهدة شرعاً.

مسائل تتّصل بشرط الإباحة :

( 19 ) من اغتسل وعلى عورته ساتر أو على جزء آخر من بدنه، وكان هذا الساتر مغصوباً صحّ منه الغسل ما دام لايحجب ولا يمنع من إسالة الماء على البشرة ( أي ظاهر الجلد )، ولكنّه يأثم لمكان الغصب وفعله.

( 20 ) ومن غصب وقوداً أو موقداً كهربائياً ـ مثلا ـ وأحمى به ماءً مباحاً واغتسل به صحّ غسله، وإن كان آثماً لفعل الغصب.

( 21 ) ومن اغتسل في إحدى الحمّامات التجارية وكان من قصده منذ البداية أن لايعطي العوض لصاحب الحمّام، أو يعطيه من مال حرام، أو بعد حين دون أن يخبر صاحب الحمّام بالتأجيل فهل يصحّ منه الغسل أو يبطل ؟

الجواب : للصحة وجه وجيه، ولكنّ الأولى استحباباً إعادة الغسل.

غسل الجبيرة :

( 22 ) في فصل الوضوء تكلّمنا عن وضوء الجبيرة الذي يجب على الكسير والجريح والمقروح، ونشير هنا إلى غسل الجبيرة ضمن النقاط التالية :

أوّلا : في حالات وجود جرح وقرح يسمح للمكلّف الذي حصل له موجب الغسل أن يغتسل، ويكتفي بغسل أطراف الجرح والقرح(1)، كما يسمح له بأن يتيمّم.


____________

(1) هذا إذا كان مكشوفاً، وأمّا إذا كان مجبّراً فعليه مسح مكان الجبيرة كما هو الحال في الوضوء ويكون غسله ترتيبيّاً لا ارتماسيّاً.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 233

--------------------------------------------------------------------------------



ثانياً : الكسير الذي شدّ العضو المريض بجبيرة يغتسل ويمسح على الجبيرة تماماً، كالمتوضّئ الكسير.


ثالثاً : الكسير الذي لم يضع جبيرةً على محلّ الكسر يجب عليه التيمّم، ولا يكتفي منه بالغسل الناقص.

كلّ ذلك إذا كان الغسل بالصورة الاعتيادية غير ميسور للمكلّف، وأمّا إذا تيسّر له ذلك بدون ضرر أو إحراج وجب عليه أن يغتسل بالطريقة الاعتيادية.

حول أحكام الخلل في الغسل :

( 23 ) إذا حصل ما يوجب الغسل وشكّ المكلّف في أ نّه هل اغتسل أو لا ؟ وجب عليه أن يغتسل، ومن هذا القبيل من علم بأ نّه قد دخل الحمّام بقصد الغسل من الجنابة أو غيرها، ولكن بعد أن خرج منه بأمد حدث له الشكّ في أ نّه هل اغتسل، أم سها عنه فلم يغتسل، أو انصرف عن الغسل لسبب كان قد فجأه عند الدخول إلى الحمّام ـ مثلا ـ ؟ ففي مثل هذه الحالة يجب عليه أن يغتسل ; لأ نّه باق على حكم الجنب.

( 24 ) وإذا اغتسل ـ أو اغتسلت ـ ثمّ علم بعد الانصراف أو في الأثناء أ نّه لم يغسل على الترتيب المطلوب شرعاً، فلم يقدّم الرأس والرقبة على الجسد، بل غسلهما في ضمن الجسد، بأن صبّ الماء على بدنه كلّه بدون ملاحظة ذلك اكتفى بما وقع منه من غسل للرأس والرقبة، ووجب عليه أن يعيد غسل جسده ( الجسد ما عدا الرأس والرقبة من البدن ).

( 25 ) وإذا اغتسل على الترتيب ثمّ علم بعد الانصراف أ نّه ترك غسل عضو من أعضائه فماذا يصنع ؟

والجواب : إن كان هذا العضو هو الرأس أو الرقبة أو جزءً منهما وجب عليه
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 234

--------------------------------------------------------------------------------
سلاطين
سلاطين
Admin

ذكر عدد الرسائل : 53
العمر : 47
الموقع : www.islamhouse.com
تاريخ التسجيل : 16/05/2008

https://binbaz.mam9.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كتاب الفتاوي الواضحة Empty رد: كتاب الفتاوي الواضحة

مُساهمة من طرف سلاطين الأربعاء سبتمبر 24, 2008 11:43 am

أن يغسله، ويعيد بعد ذلك غسل جسده. وإن كان هذا العضو في الجسد كاليد والرجل اقتصر على غسله ولم يُعِدْ غسل سائر الأعضاء.

( 26 ) وإذا اغتسل ـ أو اغتلست ـ وشكّ في أ نّه هل لاحظ الترتيب في غسله وقدم الرأس والرقبة على الجسد فماذا يصنع ؟

والجواب : أ نّه يعتبر غسله صحيحاً ولا يعيده.

( 27 ) وإذا اغتسل ـ أو اغتلست ـ وبعد الانصراف شكّ في أ نّه هل غسل رأسه أو رقبته، أو شكّ في غسل جزء منهما ؟ بنى على أنّ غسله صحيح ولا يعيده.

ويجري الحكم نفسه إذا كان يغسل جسده ـ أي ما سوى الرأس والرقبة من البدن ـ وشكّ في غسل الرأس أو الرقبة فإنّه لا يعيد، بل يتمّ غسله، وأمّا إذا شكّ في غسل الرأس أو الرقبة أو جزء منهما قبل أن يبدأ بغسل الجسد فيجب عليه أن يغسل ما شكّ في غسله.

( 28 ) وإذا اغتسل وغسل رأسه ورقبته وانحدر إلى جسده، ثمّ شكّ في أ نّه هل غسل هذا العضو من جسده ـ كاليد أو الصدر أو أيّ عضو آخر من الجسد ـ وجب عليه أن يرجع إلى العضو المشكوك ويغسله، ولا يعيد غسل ما عداه، سواء حصل الشكّ لديه بعد الانصراف من الغسل أو في الأثناء، ولا فرق بين أن يكون العضو المشكوك في الجانب الأيمن من البدن أو الأيسر.

( 29 ) إذا لم يكن شاكّاً في غسل العضو من الأساس، بل علم بغسل العضو المعيّن، ولكنّه شكّ في صحة غسله وفساده ـ مثلا احتمل أ نّه غسله بماء نجس أو مضاف ـ فيبني على الصحة ولا تجب الإعادة، سواء حصل له هذا الشكّ بعد الانصراف من الغسل، أو في أثنائه بعد الانتقال من غسل ذلك العضو إلى غسل عضو آخر، أو بمجرّد الفراغ من غسل ذلك العضو وقبل الانتقال إلى غسل عضو آخر.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 235

--------------------------------------------------------------------------------




غسل الجنابَة وأحكامها


سبب الجنابة :

المراد بالجنابة هنا أمر معنويّ شرعي، وسببه أمران : خروج المني، والجماع. وكلمة " جُنُب " تطلق على الذكر والاُنثى، والواحد والجمع والمثنّى. والفقهاء يسمّون من جامع أو خرج منه المني جُنُباً، وقد يكون من مبرّرات ذلك أ نّه يجتنب الصلاة ونحوها.

1 ـ خروج المني :

( 30 ) ونتحدّث الآن عن السبب الأول، وهو خروج المني من القُبُل، فإنّه موجب للغسل الشرعي من الجنابة، قليلا كان أم كثيراً، في اليقظة أم في النوم، ومع الاضطرار والاختيار بالجماع وغيره.

وقد يخرج من غير القُبُل(1) والموضع المعتاد، أو يخرج بلون الحمرة كالدم لمرض أو لأيّ سبب آخر، فيلحقه حكم المني الاعتيادي، شريطة العلم واليقين بأ نّه مني.

وكذلك إذا خرج بدون لذّة، أو بأيّ صفة اُخرى غريبة ما دام من المعلوم أ نّه مني.

والعبرة في وجوب الغسل بسبب المني أن يبرز ويخرج من الجسم، ولا أثر

____________

(1) القُبُل : ذَكَر الرجل، وهو الموضع المعتاد لخروج المني.(منه (رحمه الله)).


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 236

--------------------------------------------------------------------------------



إطلاقاً لمجرّد تحرّكه في داخل الجسم، سواء أحدث ذلك في اليقظة أم في المنام.

( 31 ) إذا علمنا بأنّ هذا الخارج مني ألحقنا به أحكامه كما عرفت. ولكن قد يخرج من الرجل ماء يشكّ في أ نّه هل هو مني أو غير مني ؟ فماذا يصنع ؟

الجواب : لابدّ في هذا الفرض من اللجوء إلى ثلاثة أوصاف، وهي : الخروج مع اللذّة، والدفق ( أي الخروج بشدّة )، وفتور الجسم ـ أي حالة الاسترخاء ـ عقيب خروجه، فإن اجتمعت هذه الأوصاف الثلاثة بالكامل في المشكوك كان حكمه حكم المني، وإذا انتفى وصف واحد منها مع سلامة الجسم من المرض فلا يرتّب عليه آثار المني(1).

أمّا مني المريض فلا يشترط ـ ليتعرّف عليه ـ الدفق، بل يكفي للحكم على مايخرج من المريض بأ نّه مني أن يجتمع فيه وصفان فقط : اللذّة والفتور(2)، وإذا انتفى واحد منهما فلا يرتّب عليه آثار المني.

( 32 ) إذا خرج من الرجل مني واغتسل من الجنابة، وبعد الغسل رأى رطوبةً لا يعلم هل هي من بقية المني السابق قد تختلف في المجرى أو سائل طاهر كالوذي ـ مثلا ـ فهل يجب عليه أن يعيد الغسل ثانيةً ؟

الجواب : إذا كان قد بال قبل ان يغتسل فلا شيء عليه، وإلاّ كانت الرطوبة بحكم المني وأعاد الغسل.

وإذا خرج منه مني واغتسل قبل أن يبول، ثمّ بال بعد الغسل واحتمل

____________

(1) الظاهر كفاية الوصفين الأوّلين وهما الشهوة والدفق، أمّا الوصف الثالث وهو الفتور فهو لازم غالبيّ أو دائميّ لمجموع الأوّلين.

(2) الظاهر كفاية الوصف الأوّل وهو الشهوة.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 237

--------------------------------------------------------------------------------



خروج شيء من المني مع بوله فلا شيء عليه.

( 33 ) وإذا خرج منه ماء جديد وعلم بأ نّه بول أو مني ولم يستطع أن يميّزه(1) فماذا يصنع ؟

الجواب : إذا كان المكلّف قبل خروج هذا الماء منه متطهّراً ولا وضوء عليه ولا غسل وجب عليه في هذا الفرض الوضوء والغسل معاً.

وإذا كان قد حصل منه ما يوجب الوضوء توضّأ، ولا غسل عليه(2).

وإذا كان قد حصل منه ما يوجب الجنابة اغتسل، ولا وضوء عليه.

( 34 ) وقد تسأل وتقول : هذا كلّه عن مني الرجل فماذا عن المرأة ؟

والجواب : أنّ المرأة إذا خرج الماء منها بسبب حالة شهوة وتهيّج جنسيّ وجب عليها أن تغتسل(3)، وتضيف إلى غسلها الوضوء إذا كان قد حصل لها ما يوجب الوضوء قبل خروج ذلك الماء أو بعده.

وإذا خرج الماء منها وهي ليست في حالة شهوة وتهيّج لم يجب عليها

____________

(1) كأنّ المقصود بالتمييز ما يعمّ التمييز اليقيني والتمييز التعبّدي، فمثلاً لو كان لم يبُل بعد خروج المني كان هذا خارجاً عن محلّ الكلام; لأنّ رطوبته المشتبهة محكومة بكونه منيّاً فليس ممَّن لم يستطع التمييز. ولو كان قد بال ولكن لم يستبرئ من البول كان خارجاً أيضاً عن محلّ الكلام; لأنّ رطوبته محكومة بكونه بولاً فليس ممّن لم يستطع التمييز.

(2) إن كان المورد مجرى لاستصحاب عدم البول المنتج لعدم وجوب تعدّد الغسل في التطهير بالماء القليل وقلنا بأنّ تطهير المتنجّس بالبول بحاجة إلى تعدّد الغَسل أشكل ما أفاده اُستاذنا الشهيد (رحمه الله) هنا من أنّ عليه الوضوء فحسب; وذلك لأنّه يعلم إجمالاً إمّا بوجوب غسل الجنابة عليه أو بوجوب تعدّد الغَسل بالماء القليل في التطهير فيجب عليه الاحتياط.

(3) الظاهر عدم وجوب الغسل عليها.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 238

--------------------------------------------------------------------------------



شيء، حتّى ولو كان في وقت مداعبة الزوج لها إذا لم تتأثّر بالمداعبة عاطفياً.

2 ـ الجماع :

( 35 ) أشرنا فيما سبق إلى أنّ سبب الجنابة أمران : خروج المني، والجماع. وأيضاً سبق الكلام عن السبب الأول، والآن نشير إلى السبب الثاني ( أي الجماع ). ويتحقّق بإيلاج(1) الحشفة في الفرج ـ قُبُل المرأة ـ إن كانت الحشفة سليمة، أو بمقدارها من الذَكَر إن كانت مقطوعة، حتى ولو لم ينزل المني، فإذا تحقّق الجماع بهذا المعنى وجب الغسل على الواطئ وعلى المرأة الموطوءة معاً، وكانا جنبين، سواء كانا صغيرَين أم كبيرَين، عاقلَين أم مجنونين، مختارَين أو مضطرّين.

( 36 ) وهناك حالات اُخرى يجب أن نعرف حكمها، وهي كما يأتي :

1 ـ الإيلاج في دبر امرأة أو ذكر.

2 ـ الإيلاج في بهيمة.

3 ـ الإيلاج في ميّت.

4 ـ الإيلاج ببعض الحشفة(2).

وفي هذه الحالات يجب على المباشر الفاعل الغسل، ولكن لايكتفي به إذا كان قد حدث منه ما يوجب الوضوء قبل ذلك الإيلاج أو بعده، بل يضمّ إليه الوضوء أيضاً، وحكم الإنسان المفعول به في الحالة الاُولى والرابعة حكم المباشر الفاعل.


____________

(1) الإيلاج هو الإدخال.(منه(رحمه الله)).

(2) أو ببعض مقطوعها ممّا يكون أقلّ من الحشفة.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 239

--------------------------------------------------------------------------------
سلاطين
سلاطين
Admin

ذكر عدد الرسائل : 53
العمر : 47
الموقع : www.islamhouse.com
تاريخ التسجيل : 16/05/2008

https://binbaz.mam9.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كتاب الفتاوي الواضحة Empty رد: كتاب الفتاوي الواضحة

مُساهمة من طرف سلاطين الأربعاء سبتمبر 24, 2008 11:43 am

( 37 ) يسوغ للإنسان أن يوجد السبب الموجب للجنابة بمقاربة زوجته، حتّى ولو علم بأ نّه لن يتمكّن من الغسل وسيضطرّ إلى التيمّم للصلاة، ولا فرق في ذلك بين أن يكون إتيانه لأهله ـ والحالة هذه ـ قبل دخول وقت صلاة الفريضة أو بعد دخولها.


الحاجة إلى غسل الجنابة :

( 38 ) غسل الجنابة طاعة ومندوب في نفسه، وكذلك هو شرط في عبادات اُخرى، فلا تصحّ تلك العبادات بدون أن يغتسل الجنب. وقد تقدم في الفقرة ( 3 ) من هذا الفصل : أنّ كلّ ما يكون الوضوء من المحدِث بالحدث الأصغر شرطاً لصحّته يكون الغسل من المحدِث بالحدث الأكبر ـ كالجنابة ـ شرطاً لصحّته أيضاً، وعلى هذا الأساس يجب الغسل من الجنابة كشرط للصحة في الصلوات الخمس أداءً وقضاءً، وفي ركعاتها الاحتياطية وأجزائها المنسية التي تؤدّى بعد الصلاة، وكذلك هو شرط للصحة في الصلاة المندوبة، حيث لا صلاة بلا طهور، ولطواف الحاجّ أو المعتمر، ولصلاة الطواف.

وليس الغسل شرطاً للصلاة على الأموات، كما لم يكن الوضوء شرطاً لها، فيجوز للجنب أن يصلّي على الميّت، وليس شرطاً لسجدتي السهو، تماماً كالوضوء.

( 39 ) ويزيد الغسل على الوضوء :

أوّلا : بأ نّه شرط للطواف المستحبّ ; لأنّ الجنب لا يمكنه دخول المسجد الحرام فضلا عن الطواف فيه حول الكعبة الشريفة.

ثانياً : بأ نّه شرط لصيام شهر رمضان وقضائه، فعلى الجنب أن يغتسل قبل الفجر ليصحّ منه الصوم، على تفصيلات نتركها لفصل الصوم. وليس شرطاً للصوم
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 240

--------------------------------------------------------------------------------



المستحبّ، فيمكن للجنب أن يصوم ويصبح صائماً وهو جنب.

ثالثاً : بأ نّه شرط للاعتكاف ; لأنّ الجنب لا يمكنه المكث في المسجد.

وسيأتي في ذيل الفقرة ( 44 ) وما بعدها : أنّ هناك أشياء تحرم على الجنب فلا تحلّ له إلاّ بالغسل.

حول أحكام الخلل :

( 40 ) إذا نسي الجنب جنابته وصلّى كانت صلاته باطلةً، ووجب عليه أن يغتسل ويعيدها.

وقد يخرج المني من الإنسان دون اختيار منه وإرادة، بل دون أن يشعر بخروجه، وعليه فإذا احتلم وخرج منه مني وهو لا يعلم فتوضّأ وصلّى ثمّ علم بحاله وجب عليه أن يغتسل ويعيد الصلاة.

( 41 ) وإن صادف أن رأى على ثوبه أو بدنه منيّاً، وأيقن أنّ هذا المني منه لا من شخص آخر، حيث لا سبيل لأيّ احتمال أن يكون من غيره، وأيضاً أيقن أ نّه لم يغتسل منه، إن صادف ذلك وجب أن يغتسل من الجنابة. أمّا ما مضى من صلاته وانتهى وقتها فليس عليه أن يقضي أيّ فريضة فات وقتها وانتهى إذا كان يظنّ أو يحتمل أ نّه قد أدّاها وأتى بها قبل هذه الجنابة، وإنمّا يجب عليه أن يقضي كلّ فريضة انتهى وقتها ويعلم بأ نّه أدّاها وأتى بها بعد وقوع تلك الجنابة.

وإذا كان قد صلّى صلاةً ولم ينتهِ وقتها بعد فيجب عليه إعادتها، إلاّ إذا علم بأ نّها كانت قبل وقوع تلك الجنابة(1).

( 42 ) وقد يستعمل اثنان لباساً واحداً على التعاقب والتناوب، ثمّ يظهر

____________

(1) بل لا تجب عليه إعادتها إلاّ إذا علم بأنّها كانت بعد وقوع تلك الجنابة.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 241

--------------------------------------------------------------------------------



على اللباس مني يعلم كلّ منهما أ نّه من أحدهما يقيناً، ولكن لا على التعيين فهل يجب الغسل عليهما ؟ وعلى من يجب الغسل ؟

الجواب : توجد هنا حالات كما يأتي :

أوّلا : إذا كان كلّ منهما ينتفع بغسل الآخر وطهارته(1) فيجب على كلّ منهما الغسل.

ومثال ذلك : أن يكون كلّ منهما عادلا فينتفع الآخر بطهارته، حيث يتيح له ذلك الائتمام به ففي هذه الحالة يجب على كلٍّ منهما الغسل.

ثانياً : إذا كان أحدهما ينتفع بغسل الآخر وطهارته، وأمّا الآخر فلا ينتفع في طهارته بشيء فيجب الغسل على المنتفع خاصة.

ومثال ذلك : أن يكون أحدهما جديراً بالاقتداء به في الصلاة، والثاني غير جدير بذلك، فالثاني ينتفع بطهارة الأول إذا اُتيح له الائتمام به، والأول لا ينتفع بطهارة الثاني، وفي هذه الحالة يجب الغسل على المنتفع خاصّة.

وفي كلتا الحالتين لا يجوز للمنتفع إذا اغتسل أن يأتمّ بالآخر ما دام الآخر لم يغتسل.

ثالثاً : إذا كان كلّ منهما لا ينتفع بغسل الآخر وطهارته فلا يجب الغسل على أحد منهما.

ومثال ذلك : أن يكون كلّ منهما غير واثق بجدارة صاحبه للاقتداء به في الصلاة، فيجوز لكلّ منهما أن يصلّي صلاته بدون غسل.

وفي كلّ الحالات الثلاث إذا كان هناك ثالث ينتفع بطهارة كلّ منهما بأن كان متمكّناً عادةً من الصلاة خلفهما وواثقاً بجدارتهما لذلك فيجب على هذا الثالث أن

____________

(1) المقصود إمكان الانتفاع إمكاناً عمليّاً، لا فعليّة الانتفاع، وكذلك الحال في الفقرات الآتية.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 242

--------------------------------------------------------------------------------



يجتنب الصلاة خلف كلّ منهما ما لم يغتسل.

( 43 ) من شكّ في حصول الجنابة منه بنى على أ نّه ليس جنباً، ومن ذلك : أن يشكّ في تحقّق الإيلاج الموجب للغسل، أو يتذكّر بأ نّه رأى في منامه حلماً ويشكّ في خروج المني منه ففي مثل ذلك لا يجب الغسل.

( 44 ) الجُنُب إذا اعتقد بأ نّه اغتسل فدخل في الصلاة وشكّ في أثنائها هل أ نّه اغتسل حقّاً ؟ بطلت صلاته، وكان عليه أن يغتسل ويعيد الصلاة، وهذا الإنسان إذا فرغ من الصلاة ثمّ شكّ هل أ نّه كان قد اغتسل من جنابته ؟ وجب عليه أن يغتسل ولا يعيد الصلاة.

وهذا الإنسان الذي شكّ إذا صدر منه ما يوجب الوضوء قبل أن يغتسل اغتسلَ وأعاد الصلاة ما دام وقتها باقياً(1)، ولم يكتف بهذا الغسل للصلوات الآتية، بل يتوضّأ لها أيضاً.

ما يحرم على الجُنُب حتّى يغتسل :

تقدّم في الفقرة ( 4 ) من هذا الفصل : أنّ كلّ ما يوجب الغسل إذا حصل من الإنسان حرم عليه مسّ كتابة المصحف الشريف، تماماً كما يحرم على من حصل منه ما يوجب الوضوء، فيحرم على الجنب مسّ كتابة المصحف، ولا يحرم عليه مسّ اسم الجلالة وصفاته في غير النصّ القرآني المكتوب في المصحف، وأسماء الأنبياء والأئمّة (عليهم السلام).

ويحرم على الجنب إضافةً إلى مسّ كتابة المصحف اُمور هي :

( 45 ) أوّلا : قراءة آية السجدة من سور العزائم وهي : السجدة ( آية 15 )،

____________

(1) بل وقضاها إن لم يكن وقتها باقياً.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 243

--------------------------------------------------------------------------------



وفصّلت ( آية 37 )، والنجم ( آية 62 )، والعلق ( آية 19 ).

( 46 ) ثانياً : التواجد في الحرمين الشريفين : المسجد الحرام ومسجد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فإنّهما محرّمان على الجنب، ولا يسمح له بالمكث فيهما، ولا بمجرّد المرور والاجتياز أيضاً.

( 47 ) ثالثاً : التواجد في غير الحرمين من المساجد فإنّه حرام على الجنب بكلّ أشكاله، ويستثنى من ذلك حالتان :

الاُولى : أن يكون للمسجد بابان، فيجتاز الجنب المسجد بأن يدخل من باب ويخرج من الباب الآخر مباشرةً بدون مكث.

الثانية : أن يدخل إلى المسجد لأخذ شيء فيه(1)، كما لو كان له متاع أو كتاب في المسجد فيدخل ويأخذه ويخرج بدون مكث.

وبالمقارنة بين المحرّمين الثاني والثالث يتّضح أنّ استثناء هاتين الحالتين لا يشمل المسجد الحرام ومسجد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، ويختصّ بغيرهما من المساجد.

( 48 ) والعتبات المقدسة التي في وسطها القبر الشريف للمعصوم (عليه السلام)يجري عليها حكم المساجد من هذه الناحية(2)، دون الأروقة.

( 49 ) والتحريم الذي ذكرناه على الجنب بالنسبة إلى المساجد يعمّ ويشمل مساجد الله بالكامل المعمور منها والمهجور والخراب أينما كان ويكون، في شرق الأرض وغربها.

( 50 ) إذا جهلنا وشككنا في أنّ هذا البناء أو هذا الموضع والمكان ـ مثلا ـ

____________

(1) الأحوط وجوباً تركه. ويحرم عليه أيضاً وضع شيء في المسجد.

(2) هذا حكم احتياطيٌ.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 244

--------------------------------------------------------------------------------



هل هو جزء من المسجد، أو أ نّه تابع له ووقف خاصّ به دون أن يشمله ويصدق عليه اسم المسجد فهل تجري عليه أحكام المسجد ؟

الجواب : المتّبَع هنا عمل المسلمين من أهل البلد الذي فيه المسجد وسيرتهم فيما يفعلون، فإن كانت على وفق أحكام المسجد فهو كذلك، وإلاّ فلا تجري أحكام المسجد.

( 51 ) إذا لم يكن الجنب قادراً على الطهارة من الجنابة فلا يستأجر لعمل في المسجد يستدعي المكث فيه(1)، كتنظيفه أو إعداده لمجلس عزاء، أو أيّ شيء مباح ولكن يتعذّر القيام به من غير المكث...

وإذا صادف وجرى عقد الإجارة مع الجنب على شيء من ذلك ـ على أساس أنّ الجنب كان مقدماً على العصيان، ولا يبالي بأن يمكث في المسجد وهو جنب ـ إذا صادف ذلك يكون العقد صحيحاً، وإذا تخلّف الأجير بعد ذلك عن القيام بالعمل معتذراً بأ نّه جنب كان من حقّه ذلك، ولكن للمستأجر خيار الفسخ(2).

( 52 ) المحرّمات على الجنب كلّها تختصّ بمن علم بالجنابة، أمّا من يجهلها ويشكّ فيها فهي سائغة له ولا تحرم عليه عملياً، إلاّ أن يكون على علم سابق بالجنابة فإنّه يبني على بقائها وبقاء محرّماتها، حتّى يتيقّن بأ نّه اغتسل وتطهّر من تلك الجنابة.


____________

(1) وكذلك ـ على الأحوط وجوباً ـ ما لو لم يستدع المكث ولكن لم يمكن الاجتياز، كما لو كان للمسجد باب واحد فكان يضطرّ إلى الرجوع من نفس الباب الأوّل.

(2) خيار الفسخ للمستأجر معناه : أنّ له أن يفسخ الاتّفاق الذي عقده مع الأجير.(منه (رحمه الله)).


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 245

--------------------------------------------------------------------------------



كيفية غسل الجنابة :

( 53 ) وكيفية غسل الجنابة هي كيفية الغسل على العموم بأحكامها وتفاصيلها المتقدّمة في الفقرات ( 10 ـ 16 ) من هذا الفصل.

ويجب في غسل الجنابة نية القربة، ويمكن للجنب أن يقصد القربة بغسله بما هو طاعة ومندوب، أو بما هو واجب من أجل الصلاة ونحوها من العبادات، أو من أجل أن يباح له مسّ كتابة المصحف، أو غير ذلك ممّا لايباح للجنب، كما تقدّم في الوضوء في الفقرة ( 79 ) من فصل الوضوء.

( 54 ) وإذا علم الشخص بأنّ عليه غسل الجنابة ولم يكن عليه غسل آخر فاغتسل وقصد بذلك غسل الجنابة صحّ غسله.

وإذا علم بأنّ عليه غسلا ولا يدري هل هو غسل الجنابة أو غسل مسّ الميّت ـ مثلا ـ فاغتسل وقصد بذلك ما في ذمّته شرعاً صحّ غسله.

وإذا علم بأنّ عليه كلا الغسلين فاغتسل وقصد بذلك غسل الجنابة، أو قصد غسل مسّ الميّت، أو قصدهما معاً بغسل واحد صحّ غسله، وإذا اغتسل ولم يقصد شيئاً منهما بطل غسله.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 246

--------------------------------------------------------------------------------
سلاطين
سلاطين
Admin

ذكر عدد الرسائل : 53
العمر : 47
الموقع : www.islamhouse.com
تاريخ التسجيل : 16/05/2008

https://binbaz.mam9.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كتاب الفتاوي الواضحة Empty رد: كتاب الفتاوي الواضحة

مُساهمة من طرف سلاطين الأربعاء سبتمبر 24, 2008 11:45 am

غسل الحيض

أقسام دم المرأة :

( 55 ) المرأة قد ينزل منها الدم من الموضع المخصوص في غير حالة الولادة، وهو على أقسام :

1 ـ الدم الذي تعتاد المرأة البالغة أن تقذفه في دورة شهرية وباستمرار، ويسمّى دم الحيض، والحيض : اجتماع الدم، وبه سمّي الحوض لاجتماع الماء فيه، ويقال : حاضت المرأة وتحيّضت، وهي حائض وحائضة إذا خرج منها هذا الدم، وهو دم طبيعي في المرأة السوية، ويجب على المرأة الغسل عند انقطاعه وانتهائه ; لكي تصلّي، ويسمّى بغسل الحيض.

2 ـ الدم الذي ينزل بسبب جرح أو قرح في الرحم، أو لمضاعفات عملية جراحية سابقة.

3 ـ دم البكارة : وهو الدم الذي ينزل بسبب افتضاض بكارة الفتاة.

4 ـ كلّ دم ينزل من الباطن سوى ذلك، ويسمّى بدم الاستحاضة، وتسمّى المرأة التي اتّفق لها ذلك بالمستحاضة.

أمّا المرأة الحائض فلها أحكام خاصّة سيأتي شرحها، منها : أ نّه لا يجب عليها الصلاة، ومنها : أن تمتنع عن أشياء : كالمكث في المسجد، ومقاربة زوجها.

وأمّا القسم الثاني والثالث فلا أثر لهما شرعاً من ناحية الطهارة، سوى تطهير الموضع من النجاسة بإزالة الدم وغسله بالماء مع التمكّن وعدم التضرّر بذلك، ولا يتطلّب هذان وضوءً أو غسلا.

وأمّا دم الاستحاضة فيتطلب وضوءاً أو غسلا على تفصيل يأتي وتكون
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 247

--------------------------------------------------------------------------------



المستحاضة مكلفة بانجاز ذلك واداء الصلاة خلافاً للحائض على ما عرفت.

الشروط العامّة لدم الحيض :

لكي يكون الدم حيضاً شرعاً ـ أي من القسم الأول ـ يجب أن تتوفّر فيه الاُمور التالية :

( 56 ) أوّلا : أن تكون المرأة قد أكملت تسع سنين(1) ولم تتجاوز خمسين سنة(2)، والتسع هو سنّ البلوغ شرعاً(3)، والخمسون سنّ اليأس.

وإذا لم تضبط المرأة عمرها ورأت الدم وهي لا تعلم أ نّها بلغت سنّ اليأس أم لا اعتبرت نفسها غير يائس، وعملت كما كانت تعمل قبل ذلك.

وأمّا إذا رأت الدم وهي تشكّ في إكمالها لتسع سنين : فإن أدّت رؤيتها هذه إلى اليقين بأ نّها قد أكملت تسع سنين ـ نظراً إلى أنّ البنت لا ترى دماً عادةً قبل التاسعة ـ اعتبرت ذلك الدم حيضاً. وإذا لم يحصل لها اليقين بذلك لم تعتبره حيضاً(4).


____________

(1) بل دم الحيض بنفسه علامة البلوغ ولو تحقّق قبل التسع سنين، ويعرف بباقي العلامات لا بإكمال التسع سنين، ولكن تحقق ذلك قبل التسع سنين بعيد، أو مقطوع العدم.

(2) لا يبعد كون سنّ اليأس المذكور في الروايات بمعنى أنّها لو انقطع عنها الدم قبل ذلك لم يحكم عليها باليأس إلى أن تبلغ ذلك السنّ، أمّا لو رأت الدم بعد الخمسين بشكل كان يحكم عليها لو لا السنّ بالحيض فلا يترك الاحتياط عندئذ بالجمع بين تروك الحائض وأفعال المستحاضة.

(3) على الأحوط وجوباً إن لم يقترن بالدخول، وعلى الأقوى إن اقترن به.

(4) تقدّم أن الحيض علامة البلوغ، وليس العكس.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 248

--------------------------------------------------------------------------------



( 57 ) ثانياً : أن يكون الدم مستمرّاً خلال ثلاثة أيام(1)، ونقصد بذلك : ثلاثة نهارات مع الليلة الواقعة عقيب النهار الأول والليلة الواقعة عقيب النهار الثاني، فإذا رأت الدم في أوّل نهار السبت وجب أن يستمرّ إلى غروب نهار الاثنين، وكذلك إذا رأته في ليلة السبت(2). وإذا رأته ظهر السبت وجب أن يستمرّ إلى ظهر نهار الثلاثاء.


ولا يضرّ بالاستمرار حصول فترات توقّف قصيرة إذا لم تتجاوز ما هو المألوف لدى النساء من توقّف دم العادة أحياناً.

( 58 ) ثالثاً : أن لايتجاوز عشرة أيام، فإذا تجاوز عشرة أيام فلا يعتبر كلّه حيضاً، بل قد يعتبر بعضه حيضاً على ما يأتي ; لأنّ الحيض الشرعي لا يكون أكثر من عشرة أيام(3).

( 59 ) رابعاً : أن تكون المرأة قد مرّت بها قبل ذلك فترة طهر وسلامة من دم الحيض لاتقلّ عن عشرة أيام، فإذا كانت قد حاضت ونقت من حيضها ثمّ رأت

____________

(1) لا إشكال في كون ذلك علامةً من العلامات الشرعيّة للحيض، أمّا لو حصل للمرأة القطع بكون دمها من الناحية الطبيعيّة دم الحيض الذي يخرج طبيعيّاً من الرحم ولكنّه لم يستمرّ ثلاثة أيّام فلا يترك الاحتياط بالجمع بين تروك الحائض وأفعال المستحاضة.

(2) لا يبعد أن يكون المقياس النهارات بلياليها الكاملة، وعليه فلو انتهى النهار الثالث ولم ينتهِ مقدار ثلاث ليال لا يترك الاحتياط في بقيّة الليل بالجمع بين تروك الحائض وأفعال المستحاضة. ولو انقطع الدم بعد انتهاء الأيّام الثلاثة وقبل انتهاء مقدار الليالي الثلاث لا يترك الاحتياط بقضاء الصلوات الفائتة.

(3) هنا أيضاً لا يبعد أن يكون المقياس عشرة أيّام مع مقدار عشر ليال كاملة، فلا يترك الاحتياط في موارد اختلاف هذا المسلك عن المسلك الموجود في المتن والذي هو المسلك المشهور.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 249

--------------------------------------------------------------------------------



دماً بعد تسعة أيام ـ مثلا ـ لم يعتبر الدم الجديد حيضاً ; لأنّ فترة الطهر بين حيضتين لا يمكن أن تكون أقصر من عشرة أيام شرعاً.

ونقصد بعشرة أيام : عشرة نهارات، والليالي التسع الواقعة بين النهار الأول والنهار الأخير منها(1)، كما نقصد بالطهر : السلامة من دم الحيض، سواء كانت نقيةً من الدم بصورة كاملة أو مبتلاةً بدم استحاضة.

( 60 ) ولكي يثبت للمرأة حكم الحائض حين يعرضها الدم ضمن الشروط السابقة لابدّ أن يخرج الدم في بدايته، فلو تحرّك الدم من الرحم إلى فضاء الفرج ـ أي ما اتّسع منه ـ ولم يتجاوزه إلى الخارج فلا يجري عليه حكم من أحكام الحيض وإن طال به أمد المكث، وإذا خرج الدم في البداية كفى ذلك في تحقّق حكم الحيض ولو ظلّ بعد ذلك في فضاء الفرج.

وليس من الضروري ـ لكي يثبت حكم الحيض ـ أن يخرج الدم من الموضع المخصوص، فلو خرج دم الحيض من غيره اعتبرت المرأة حائضاً أيضاً.

كيف تُميّز المرأة دم الحيض ؟

إذا توفّرت الاُمور السابقة وشكّت المرأة مع ذلك في أنّ الدم الذي نزل منها من دم الحيض أم لا فهنا حالات :

( 61 ) الاُولى : أن يكون الشكّ في ذلك قائماً على أساس احتمال أنّ الدم من قرحة أو جرح ( أي من القسم الثاني )، وفي مثل ذلك تعتبره المرأة عملياً من القسم الثاني، فلا تكلف نفسها بتكاليف الحائض ولا المستحاضة.


____________

(1) هنا أيضاً لا يبعد أن يكون المقياس عشرة نهارات مع عشر ليال كاملة، فلا يترك الاحتياط في موارد اختلاف المسلكين.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 250

--------------------------------------------------------------------------------



( 62 ) الثانية : أن يكون الشكّ في ذلك قائماً على أساس احتمال أنّ الدم دم البكارة ( أي من القسم الثالث )، وفي مثل ذلك يجب على المرأة أن تميّز الدم بإدخال قطنة في الموضع المخصوص وتركها مليّاً ثمّ إخراجها برفق، فإن وجدت الدم مستديراً على أطراف القطنة دون أن يستغرقها أو يستغرق أكثرها فهو من دم البكارة، وإن كان قد غطّاها وغمرها بالكامل أو غمر أكثرها فهو من دم الحيض.


وإن تركت المرأة هذا الفحص والاختبار وأتت بشيء من العبادة ـ كالصوم والصلاة ـ تبطل عبادتها، إلاّ أن تعلم بأ نّها قد صادفت الطهر من الحيض.

وإذا تعذّرت على هذه المرأة عملية الاختبار بالقطنة لسبب أو لآخر فماذا تصنع ؟

الجواب : عليها أن تفعل ما تفعله الطاهر، وتترك ما تتركه الحائض، فتصلّي وتصوم، ولا تمكث في المساجد، ولا تمسّ كتابة المصحف... إلى آخره.

( 63 ) الثالثة : أن تعلم المرأة بأنّ الدم ليس من جرح وقرح، ولا من البكارة، ولكن لا تدري هل هو حيض أو استحاضة ؟ ويمكن لها في هذه الحالة أن تستعمل إحدى طريقتين :

إحداهما : أن تحتاط إذا أمكن، وذلك بأن تمتنع عن الأشياء التي تلزم الحائض بالامتناع عنها، وتؤدّي الأشياء التي تلزم المستحاضة بأدائها من وضوء وغسل وصلاة(1)، وهكذا حتّى ينقطع الدم، فتغتسل وترجع إلى حالتها

____________

(1) نحن نبني بالاحتياط الوجوبي على حرمة الصلاة على الحائض حرمةً نفسيّة، ومن هنا لا نجوّز الاحتياط بالجمع بين تروك الحائض وأفعال المستحاضة بما يشمل الصلاة إلاّ في مورد الاضطرار إلى ذلك بالعلم الإجمالي بوجوب الصلاة عليها في بعض الأيّام، أو دوران الأمر بين المحذورين من وجوب الصلاة أو حرمتها حينما لا نجد أيّ حلٍّ للمشكلة عدا الجمع بين تروك الحائض وأفعال المستحاضة.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 251

--------------------------------------------------------------------------------



الاعتيادية، وكلّما ذكرنا الاحتياط بالنسبة إلى امرأة من هذا القبيل فنقصد بالاحتياط هذا المعنى.

والآخر : أن تلجأ إلى تطبيق إحدى قاعدتين شرعيّتين لإثبات الحيض :

1 ـ إثباته على أساس الصفات.

2 ـ إثباته على أساس العادة.

إثباته على أساس الصفات :

( 64 ) دم الحيض له صفات تميّزه في العادة، فهو غالباً يكون أسود أو أحمر حارّاً يخرج بدفق وحرقة، وخلافاً لذلك دم الاستحاضة فإنّه ـ على الأكثر ـ لا تتوفّر فيه هذه الصفات، ويكون لونه أصفر، وقد جعل الشارع تلك الصفات الغالبة في دم الحيض دليلا على أ نّه حيض، فمتى رأت المرأة الدم وكان بلون الحيض حمرةً أو سواداً اعتبرته حيضاً، سواء كان ذلك في الأيام التي اعتادت أن ترى الدم فيها من كلّ شهر أو في غيرها.

ولكن على المرأة أن تظلّ مراقبةً لحالها إلى ثلاثة أيام من حين رؤيتها للدم، فإن استمرّ بصفة الحيض طيلة هذه المدّة تأكّدت أ نّها حيض، واستمرّت على عمل الحائض، سواء ظلّ الدم بعد الأيام الثلاثة محتفظاً بصفة الحيض أو خفّ لونه وأصبح أصفر.

وإذا انقطع الدم أو زالت عنه صفة الحيض ولونه قبل اكتمال ثلاثة أيام
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 252

--------------------------------------------------------------------------------



انكشف أ نّه ليس من دم الحيض شرعاً(1)، بل دم استحاضة، ووجب على المرأة أن تعمل عمل المستحاضة، وتقضي ما تركته من عبادة وصلاة خلال تواجد الدم.

إثباته على أساس العادة :

( 65 ) وإذا لم يكن الدم بصفة الحيض بأن كان أصفر اللون رجعت المرأة إلى القاعدة الشرعية الثانية، ومؤدّاها : أنّ الدم الأصفر إذا رأته المرأة في أيام عادتها ـ وهي الأيام التي تجيئها عادتها فيها عادةً ـ فهو دم الحيض، وكذلك إذا رأته قبل موعدها المعتاد بيوم أو يومين، وإذا رأته في غير تلك الأيام فهو دم استحاضة.

ولابدّ للمرأة من المراقبة أيضاً على النحو الذي تقدم في التمييز على أساس الصفات بأن ترصد الدم، فإن استمرّ ثلاثة أيام استقرّت على حكم الحيض، وإلاّ انكشف لديها أ نّها مستحاضة، وقضت ما تركته من عبادة في فترة تواجد الدم.

ولكي تستفيد المرأة من عادتها السابقة في تمييز الدم لابدّ أن تكون ذاكرةً لها، وأمّا إذا كانت لها عادةً منتظمة في وقت محدّد ولكنّها نسيت موعدها ورأت الدم فماذا تصنع ؟

والجواب : أنّ الدم إذا كان بصفات الحيض اعتبرت نفسها حائضاً على أساس القاعدة الاُولى ( التمييز بالصفات )، وأمّا إذا لم يكن بصفات الحيض اعتبرت نفسها مستحاضةً ما دامت لا تعلم بمجيء موعد عادتها.

وإذا رأت دماً بدون صفات الحيض وأيقنت بحدسها أ نّه يستمرّ بها أياماً

____________

(1) أمّا لو علمت بكونه بحسب عالَم الطبيعة حيضاً ـ حيث إنّ هنا فوارق طبيعيّة بين دم الحيض ودم الاستحاضة، وليس الفرق مجرّد اعتبار شرعيّ بحت ـ فعليها أن تحتاط إذا كان الدم في اليوم الثالث ـ مثلاً ـ موجوداً من دون اللون.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 253

--------------------------------------------------------------------------------



كاُسبوع أو أكثر وكانت تعلم بأنّ عادتها الشهرية : إمّا في النصف الأول من الاُسبوع أو في النصف الثاني منه ـ مثلا ـ وجب عليها أن تحتاط طيلة المدّة، فتجتنب ما تتركه الحائض، وتؤدّي ما تؤدّيه المستحاضة.

( 66 ) وقد تسأل : كيف تحصل العادة الشهرية للمرأة ؟

والجواب : أ نّها تحصل برؤية المرأة لدم الحيض في وقت معيّن من شهر ورؤيتها له في نفس الوقت من الشهر اللاحق مباشرة، وكذلك تحصل بانتظام فاصل زمنيّ معيّن بأن تعتاد المرأة بأن يكون الفاصل بين الحيضتين نصف شهر باستمرار.

وقد تقول : إذا اعتادت المرأة أن ترى الدم في بداية كلّ شهر قمريٍّ إلى خمسة أيام ـ مثلا ـ فهل إثبات أنّ الدم المشكوك دم الحيض على أساس العادة يتوقّف على أن يكون هذا الدم مبتدئاً في بداية الشهر ومستمرّاً إلى خمسة أيام ؟

والجواب : لا، بل يكفي أن يكون واقعاً ضمن تلك الفترة، فلو رأت دماً أصفر من اليوم الثاني إلى الخامس كان حيضاً.

وقد تقول : إذا اعتادت المرأة أن ترى الدم في بداية كلّ شهر ولكنّه يستمرّ بها أحياناً ثلاثة أيام وأحياناً أكثر، فما هي الأيام التي حتى إذا رأت فيها دماً أصفر فهو حيض ؟

الجواب : هي الثلاثة الاُولى من الشهر.

إثبات الحيض على أساس الصفات والعادة معاً :

( 67 ) وإذا رأت المرأة الدم الأصفر في أيام العادة واستمرّ بها بعد انتهاء أيام العادة، وكان مااستمرّ بعد أيامها بصفات الحيض فالدم كلّه دم حيض إذا توفّرت الشروط العامة لدم الحيض المتقدّمة، بعضه على أساس العادة وبعضه على أساس
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 254

--------------------------------------------------------------------------------
سلاطين
سلاطين
Admin

ذكر عدد الرسائل : 53
العمر : 47
الموقع : www.islamhouse.com
تاريخ التسجيل : 16/05/2008

https://binbaz.mam9.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كتاب الفتاوي الواضحة Empty رد: كتاب الفتاوي الواضحة

مُساهمة من طرف سلاطين الأربعاء سبتمبر 24, 2008 11:45 am

الصفات.

وإذا رأت المرأة دماً أحمر قبل الموعد الشهريّ بأيام واستمرّ إلى أيام العادة كان الكلّ حيضاً أيضاً ضمن الشروط العامة المتقدّمة.

ويتلخّص ممّا سبق : أنّ كلّ امرأة رأت الدم ولم تعلم بأ نّه حيض أو استحاضة تعتبره حيضاً إذا انطبقت عليها إحدى القاعدتين، فكان الدم بصفة الحيض، أو كان في أيام العادة أو قبلها بيوم أو يومين، وإلاّ فهي مستحاضة.

لا تنتج العادة على أساس الصفات :

( 68 ) إذا تكرّر الحيض في بداية الشهر مرّتين متعاقبتين كان ذلك عادةً على مابيّنّا، وتحتّم على المرأة أن تجعل الدم الذي تراه بعد ذلك في نفس الموعد حيضاً ولو كان أصفر، كما عرفت.

ولكن إذا تكرّر الدم في بداية الشهر مرّتين متعاقبتين ولم تتأكّد المرأة أ نّه حيض، ولكنّه كان بصفة الحيض فاعتبرته حيضاً على أساس الصفة دون أن تكون على يقين من ذلك، ثمّ جاءها الشهر الثالث فرأت في نفس الموعد دماً أصفر ليس بصفة الحيض فماذا تعمل هذه المرأة ؟ وهل تعتبر نفسها ذات عادة منتظمة فتجعل هذا الدم الجديد حيضاً ; لأ نّها رأته في عادتها على الرغم من عدم كونه بصفة الحيض، أو تعتبر نفسها غير ذات عادة ما دامت غير متأكدة من أنّ الدمين السابقين كانا حيضاً ؟

والجواب : أنّ هذه المرأة تعمل على أساس الصفات(1)، فمادام الدم أصفر

____________

(1) لو كان تكرّر الدم بالصفات عندها مرّتين في الحالة الاعتياديّة لا في حالة ابتلائها باستمرار الدم فلا إشكال في أنّ هذا يُؤدّي إلى حصول العادة الحاكمة على التمييز، سواء حصل لها القطع الوجداني بأنّ ذينك الدمين كانا حيضاً، أم لم يحصل لها هذا القطع لأيّ سبب من الأسباب، إنّما الإشكال فيما إذا كان تكرّر الصفات مرّتين ضمن الابتلاء باستمرار الدم، والأقوى هنا أيضاً حصول العادة الحاكمة على التمييز.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 255

--------------------------------------------------------------------------------



تجعل نفسها مستحاضة.

الحامل والعادة الشهرية :

( 69 ) ما ذكرناه ينطبق على غير الحامل، وأمّا الحامل فهي قد تحيض أيضاً، فإذا رأت الدم وكانت واثقةً بأ نّه من دم الحيض عملت ما تعمله الحائض، وإذا لم تدرِ بأ نّه دم حيض أو دم استحاضة فلها حالات :

1 ـ أن يكون الدم بصفة الحيض، وفي أيام العادة أو قبلها بيوم أو يومين، وفي هذه الحالة تعتبره حيضاً منذ البداية، وتتأكّد من ذلك باستمراره ثلاثة أيام.

2 ـ أن لا يكون الدم بصفة الحيض، ولا في أيام العادة أو قبيلها، وفي هذه الحالة تعتبره استحاضة.

3 ـ أن يكون بصفة الحيض ولكن في غير أيام العادة أو في أيام العادة، ولكن بدون صفة الحيض، وعليها حينئذ أن تحتاط(1).


____________

(1) إن كان الدم بصفة الحيض فهو حيض ولو لم يكن في أيّام العادة، وإن كان الدم في أيّام العادة وفاقداً للصفة: فإن كانت قد احتفظت بعادتها شهريّاً فهو حيض، وإن كان قد انقطع عنها الدم كما هو الغالب لدى الحاملات ولكنّها رأت صدفةً الدم الفاقد للصفة في أيّام العادة أو قُبيلها فهنا تحتاط بالجمع بين تروك الحائض وأفعال المستحاضة.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 256

--------------------------------------------------------------------------------



متى تغتسل الحائض ؟

( 70 ) إذا احتملت الحائض خلال عشرة أيام من حين ابتداء الدم أنّ الدم قد انقطع فلا يجوز لها أن تهمل هذا الاحتمال وتظلّ على حيضها، بل يجب عليها أن تفحص وتتأكّد، وذلك بأن تدخل قطنةً وتتركها في موضع الدم ثمّ تخرجها، فإن كانت نقيةً فقد انقطع حيضها ووجب عليها الغسل، وإلاّ فهنا ثلاث حالات :

الاُولى : أن تكون المرأة ذات عادة شهرية مستقرّة ولم يتجاوز الدم فعلا أيام عادتها، فهي حائض ما دامت تجد القطنة غير نقية.

الثانية : أن لا تكون المرأة ذات عادة شهرية مستقرّة، كالمرأة التي تحيض تارةً سبعة أيام، واُخرى ثمانيةً، وهكذا، وهذه تعتبر نفسها حائضاً إذا خرجت القطنة غير نقية(1) ما دام الدم لم يتجاوز عشرة أيام من حين ابتدائه.

الثالثة : أن تكون المرأة ذات عادة شهرية مستقرّة أقلّ من عشرة أيام ـ كاُسبوع مثلا ـ ورأت القطنة ملوّثةً بعد انتهاء أيام العادة وقبل تجاوز عشرة أيام، وهذه إن كانت مستحاضةً قبل مجيء عادتها واتّصل دم العادة بدم الاستحاضة أنهت حيضها بانتهاء أيام عادتها، واعتبرت ما يبقى من الدم استحاضة.

وإن لم تكن مستحاضةً على هذا النحو، بل كانت طاهرةً قبل مجيء العادة فالحكم يتبع تقديرها الشخصي، فإذا كانت تقدّر بصورة جازمة أنّ الدم سيستمرّ في المستقبل ويتجاوز عشرة أيام أنهت حيضها بانتهاء أيام عادتها، واعتبرت

____________

(1) ولو بصفرة.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 257

--------------------------------------------------------------------------------



الباقي استحاضة، وإذا كانت تأمل انقطاع الدم قبل تجاوز عشرة أيام وجب عليها أن تضيف يوماً واحداً على الأقل إلى عادتها، فتعتبر نفسها حائضاً فيه، ثمّ تعمل كمستحاضة، ويجوز لها أن تضيف يومين أو كلّ مايتبقّى من الأيام العشرة إلى أيام عادتها، فتواصل حكم الحائض طيلة المدة.

وإذا قامت المرأة قبل مضي عشرة أيام من حين رؤيتها للدم بالفحص والاختبار وظهرت القطنة نقيةً ; ولكنّها غير واثقة من انقطاع الدم نهائياً، بمعنى أ نّها ترى أنّ بالإمكان عودته في أثناء العشرة فماذا تعمل ؟

والجواب : إذا كانت واثقةً من عودة الدم من جديد فلا تبالِ بهذا النقاء المؤقّت، وتعتبر حالها كما لو لم يكن الدم قد انقطع، وإذا لم تكن واثقةً من عودة الدم وجب عليها أن تغتسل وتصلّي، فإذا لم يعد الدم خلال الأيام العشرة صحّ ماعملته، وإن عاد قبل مضي عشرة أيام من حين ابتدائه عادت إلى حكم الحيض، وكانت كمن استمرّ بها الدم طيلة هذه المدة.

ومثال ذلك : امرأة رأت الحيض أربعة أيام، ثمّ نقت فاغتلست وصلّت يومين، ثمّ رأت الدم ثلاثة أيام فتعتبر أيامها التسعة كلّها حيضاً، وينكشف لديها في النهاية أنّ ما أتت به من غسل وعبادة خلال اليومين ـ الخامس والسادس ـ ليس صحيحاً شرعاً.

وهذا معنى قول الفقهاء : إنّ النقاء المتخلِّل بين دمين يعتبر مع الدمين حيضاً واحداً مستمرّاً إذا لم يتجاوز المجموع عشرة أيام.

والفحص والاختبار بالطريقة التي ذكرناها، أو بأيّ طريقة اُخرى تؤدّي نفس الغرض واجب في كلّ وقت تحتمل فيه المرأة النقاء، فإذا لم تفحص المرأة واغتسلت غسل الحيض بأملِ أن تكون قد نقت من الدم وهي لا تدري شيئاً عنه فلا يعتبر هذا الغسل صحيحاً ومطهّراً لها، إلاّ إذا ثبت لديها بعد ذلك أ نّها كانت نقيةً
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 258

--------------------------------------------------------------------------------



من الدم حين اغتسلت، وإذا أيقنت المرأة بالنقاء بدون فحص لم يجب عليها الاختبار، وكان لها أن تغتسل وتصلّي.

إذا تجاوز الدم العشرة :

قلنا فيما سبق : إنّ الدم إذا انقطع قبل اكتمال ثلاثة أيام ينكشف أ نّه دم استحاضة ; لأنّ الحدّ الأدنى لدم الحيض ثلاثة أيام، كما تقدم.

ونقول الآن : إنّه إذا تجاوز عشرة أيام ـ وهو الحدّ الأعلى لدم الحيض ـ ينكشف أنّ بعضه ليس بدم الحيض، بمعنى أنّ هذا الدم قد يكون بدأ ـ مثلا ـ دم حيض ثمّ تحوّل إلى استحاضة ; لأنّ الحيض لا يتجاوز عشرة أيام.

ولكنّ السؤال هو : أنّ المرأة كيف تعرف من أين بدأ تحوّل الدم إلى الاستحاضة ؟ فهل هو من حين تجاوز الدم للعشرة، أو من موعد زمنيّ سابق، وأثر ذلك أ نّها كانت قد تركت الصلاة والعبادة إلى نهاية العشرة، فإذا انكشف لديها الآن أنّ الدم تحوّل إلى استحاضة وأنّ التحوّل هذا تمّ في موعد زمنيّ سابق وجب عليها أن تقضي ما تركته من صلاة وعبادة منذ ذلك الموعد، فكيف يمكن تحديد ذلك الموعد شرعاً ؟

والجواب : على ذلك يختلف باختلاف نوع المرأة : فإنّ المرأة قد تكون لها عادة شهرية، وقد لا تكون، وعلى هذا الأساس تنقسم إلى خمسة أقسام كما يلي :

( 71 ) الأول : ذات العادة الوقتية والعددية : وهي التي ترى الدم مرّتين متماثلتين وقتاً وعدداً، ومتتابعتين بحيث لاتتخلّل بينهما حيضة تختلف عنهما في العدد ولا في الوقت.

ومثالها : أن ترى الدم في أوّل الشهر خمسة أيام، وأيضاً تراه في أوّل الشهر الذي يليه خمسة أيام، وإذا رأت الدم في أوّل هذا الشهر ثلاثة أيام وفي أوّل
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 259

--------------------------------------------------------------------------------



الثاني أربعة، أو رأت الثلاثة في أوّل هذا الشهر ثمّ رأتها في آخر الثاني أو وسطه فما هي بذات عادة وقتية وعددية معاً.

وهذه تثبت أن الدم حيض حين تراه إذا كان بصفات الحيض، أو كان في أيام عادتها على ما تقدم، فإذا تجاوز دمها العشرة تجعل أيام عادتها فقط حيضاً، حتّى ولو كان الدم في هذه الأيام على غير صفات الحيض، وما زاد عن المعتاد فهو استحاضة بالغاً ما بلغ، حتّى ولو كان على شاكلة الحيض في كلّ وصف، وتصنع نفس الشيء إذا بدأ معها الدم قبل موعدها الشهري، أو بعد ذلك وكانت مدّته أزيد من عشرة أيام، فإنّها تجعل أيام العادة حيضاً وما قبلها استحاضة، فتقضي ما تركته وقتئذ من صلاة وعبادة.

وإذا اتّفق لها أن جاءتها في غير الوقت المعتاد شهرياً وتجاوز العشرة جعلت أيام الحيض بعدد أيام عادتها والباقي استحاضة.

إذا لم تستكمل العدد في وقتها :

( 72 ) عرفنا أنّ ذات العادة الوقتية والعددية إذا رأت الدم في كلّ أيام العادة وفي أيام اُخرى قبل العادة أو بعد العادة أو قبلها وبعدها معاً، وكان مجموع أيام الدم أكثر من عشرة أيام جعلت الحيض أيام عادتها خاصّة.

والسؤال الآن يتعلّق بالمرأة إذا رأت الدم في بعض أيام العادة وفي غير أيامها وتجاوز المجموع العشرة.

ومثال ذلك : امرأة موعدها أوّل الشهر وعادتها سبعة أيام، فرأت الدم في اليوم الرابع واستمرّ بها اُسبوعين، فهل تجعل حيضها ماوقع من الدم في أيام عادتها فيكون أربعة أيام ـ وهي الرابع والخامس والسادس والسابع من الشهر ـ أو تجعل حيضها من الرابع إلى نهاية العاشر لكي يتطابق مع العدد الذي اعتادته في
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 260

--------------------------------------------------------------------------------



حيضها وهو اُسبوع (1) ؟

ومثال آخر : في المرأة نفسها : إذا رأت الدم قبل اُسبوع من بداية الشهر واستمرّ إلى اليوم الخامس من الشهر فهل تجعل حيضها ماوقع من الدم في أيام عادتها فيكون خمسة أيام ابتداءً من أوّل الشهر إلى الخامس منه، أو تضيف إلى ذلك يومين من الأيام السابقة لكي يكتمل الحيض اُسبوعاً ويتطابق مع عدد عادتها العددية ؟

وأثر ذلك بالنسبة إلى المرأة بعد تجاوز الدم أ نّها على التقدير الأول يجب أن تقضي كلّ ما تركته في غير أيام العادة، وأمّا على التقدير الثاني فلا يجب عليها أن تقضي ما تركته في بعض تلك الأيام، أي فيما أضافته إلى أيام عادتها وكمّلت به العدد اُسبوعاً، والأحوط وجوباً والأقرب هو : أن تقضي كلّ ما تركته في غير أيام العادة، ولا يؤذن لها بأن تستكمل العدد اُسبوعاً من غير أيام العادة.

إذا نسيت ذات العادة موعدها :

( 73 ) وإذا نسيت هذه المرأة موعد عادتها الشهريّ وعدد أيامها فقد قلنا سابقاً : إنّها تميّز الدم حينئذ بالصفات، فإذا رأت الدم بصفة الحيض وتجاوز العشرة فماذا تصنع ؟ وكيف تجعل أيام عادتها حيضاً وهي لا تتذكّر ؟

والجواب : أنّ لها حالتين :

الاُولى : أن لا تعلم بمجيء الموعد الشهريّ لها خلال أيام الدم، وحينئذ

____________

(1) الصحيح هو الثاني، وهو تكميل العدد بالأيّام التالية.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 261

--------------------------------------------------------------------------------



تجعل الحيض بقدر أيام عادتها مفترضة أكبر الاحتمالات في أيام العادة(1).

ومثال ذلك : أن تكون ناسيةً فلا تدري أنّ أيام عادتها خمسة أيام أو سبعة، فتجعل الحيض سبعة أيام والباقي استحاضة.

الثانية : أن تعلم بأنّ موعدها الشهريّ يصادف بعض أيام الدم، ولا تستطيع أن تحدّد تلك الأيام بالضبط، فيجب عليها حينئذ أن تحتاط(2) ; وذلك بأن تقضي ما تركته من عبادة، وتجتنب فعلا عمّا تتركه الحائض، وتؤدّي ما تكلّف به المستحاضة.

( 74 ) الثاني : ذات العادة العددية فقط، وهي التي تستقيم عادتها عدداً لا وقتاً، أي ترى حيضتين متماثلتين في العدد دون الوقت، كالتي ترى الدم كلّ مرّة خمسة أيام، ولكن مرّةً تراها في أوّل الشهر، وتارةً في آخره، وآناً في وسطه، وتسمّى هذه مستقيمة العدد مضطربة الوقت.

وهذه تثبت أنّ الدم الذي تراه حيض إذا كان بصفات الحيض، فإذا حاضت وتجاوز دمها عشرة أيام جعلت الحيض بعدد أيام عادتها من بداية رؤيتها للدم، والباقي استحاضة.

وإذا نسيت هذه المرأة عدد أيام عادتها أخذت بأكبر الاحتمالات(3).

ومثال ذلك : إذا نسيت فلا تدري أنّ عدد أيام العادة خمسة أو ستّة فتجعل

____________

(1) هذا فيما إذا استمرّت الصفات بما لا يساوي بعض محتملات العادة، أمّا إذا وافق مقدار استمرار الصفات بعض محتملات عادتها أخذت بذاك المحتمل.

(2) بل تعيّن وقت بدء الحيض بأوّل وقت الصفات المستمرّة ثلاثة أيّام، ثم تعيّن نهاية الحيض بانتهاء الصفة لو وافق وقت الصفة بعض محتملات عادتها، وإلاّ فتأخذ بأكبر محتملات عادتها.

(3) إلاّ إذا كانت أيّام تواجد الصفة مساويةً لأحد محتملات عادتها فعندئذ تأخذ بذاك العدد.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 262

--------------------------------------------------------------------------------



أيام حيضها ستّة.

( 75 ) الثالث : ذات العادة الوقتية فقط، وهي التي تستقيم عادتها وقتاً لا عدداً، أي ترى حيضتين متماثلتين في الوقت دون العدد، كالتي لا يأتيها الحيض إلاّ في أوّل الشهر ـ مثلا ـ ولكن مرّةً تراه ثلاثة أيام، وفي شهر آخر تراه خمسةً، وحيناً تراه ستّةً، وأيضاً تسمّى هذه مستقيمة الوقت مضطربة العدد.

وهذه تثبت أنّ الدم الذي تراه حيض إذا كان بصفات الحيض، أو كان في موعدها الشهري المعتاد، فإذا حاضت وتجاوز دمها عشرة أيام أمكنها أن تجعل الحيض ستّةَ أو سبعةَ أيام، والباقي استحاضة، والاختيار بين الستّة والسبعة موكول إليها.

وإذا نسيت هذه المرأة وقت عادتها كان حكمها هو ما تقدّم في الفقرة ( 73 ) بشأن ذات العادة الوقتية والعددية إذا نسيت(1).

( 76 ) الرابع : المضطربة، وهي التي لا تستقيم لها عادة، لا وقتاً ولا عدداً، كالتي ترى الدم مرّةً أربعة أيام في أوّل الشهر، ومرّةً خمسةً في آخره، وحيناً ثلاثةً في وسطه.

وهذه تثبت أنّ الدم الذي تراه حيض إذا كان بصفات الحيض، فإذا حاضت وتجاوز دمها عشرة أيام فهنا حالتان :

____________

(1) ذات العادة الوقتيّة إذا اضطربت في العدد ونسيت الوقت لو رأت الدم بصفة الحيض في مدّة لا تقلّ عن ثلاثة أيّام تعمل بالتمييز، أي تجعل ما يكون بصفة الحيض أو ما هو أشدّ لوناً حيضاً والباقي استحاضة، ومع تعارض الصفات تتحيّض بأوّل صفة، ومع استمرار الصفة أكثر من عشرة بلا تمييز تأخذ بالستّة أو السبعة، أمّا لو لم يكن الدم بصفة الحيض فمع العلم الإجمالي بدخول وقتها ضمن أيّام الدم تحتاط بالجمع بين أفعال المستحاضة وتروك الحائض، ومع عدم العلم الإجمالي بذلك تبني على الاستحاضة في تمام تلك الأيّام.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 263

--------------------------------------------------------------------------------



الاُولى : أن يكون الدم طيلة المدة بصفات الحيض وبلون واحد، وفي هذه الحالة يمكنها أن تجعل حيضها منذ بداية رؤيتها للدم إلى ستّة أو سبعةِ أيام حسب اختيارها، والباقي استحاضة.


الثانية : أن يكون الدم مختلفاً في لونه، فهو في فترة من الزمن بصفة الحيض، وفي فترة اُخرى بدون هذه الصفة، أو في فترة من الزمن بصفة الحيض بدرجة شديدة، وفي فترة اُخرى بصفة الحيض أيضاً ولكن بدرجة أخفّ، كما إذا كان حيناً شديد الحمرة إلى درجة تبلغ السواد، وحيناً أحمر بدرجة دون ذلك، وفي هذه الحالة تجعل الأقرب إلى الحيض حيضاً، أي تجعل ما هو بالصفة حيضاً في مقابل ما ليس بصفة الحيض، أو تجعل ما هو بالصفة بدرجة شديدة حيضاً في مقابل ما كان بصفة الحيض ولكنّه أخفّ منه. ويستثنى من ذلك ما يلي :

أوّلا : أن تقلّ فترة الدم الأقرب إلى صفة الحيض عن ثلاثة أيام، والحكم حينئذ هو نفس الحكم في الحالة الاُولى المتقدّمة.

ثانياً : أن تزيد فترة الدم الأقرب إلى صفة الحيض على عشرة أيام، والحكم حينئذ هو نفس الحكم في الحالة الاُولى المتقدّمة.

ثالثاً : أن ترى المرأة الدم الأقرب إلى صفة الحيض فترتين منفصلتين يفصل بينهما دم ليس كذلك، ولا تزيد مدّة الدَمَين الواجدين لصفة الحيض على عشرة، ولكنّها مع إضافة فترة الدم الواقعة في الوسط تزيد على عشرة، كما إذا رأت الدم بصفة الحيض خمسة أيام، ثمّ تحوّل الدم إلى أصفر خمسة أيام، وعاد بصفة الحيض خمسة أيام اُخرى فهذه المرأة حين يتجاوز دمها العشرة يجب عليها أن تحتاط(1) وتجتنب عمّا تتركه الحائض، وتؤدّي ما يُطلب من المستحاضة،

____________

(1) بل لدى تعارض الصفات من دون تمييز تأخذ في تشخيص الحيض بالصفة الاُولى.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 264

--------------------------------------------------------------------------------
سلاطين
سلاطين
Admin

ذكر عدد الرسائل : 53
العمر : 47
الموقع : www.islamhouse.com
تاريخ التسجيل : 16/05/2008

https://binbaz.mam9.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كتاب الفتاوي الواضحة Empty رد: كتاب الفتاوي الواضحة

مُساهمة من طرف سلاطين الأربعاء سبتمبر 24, 2008 11:46 am

وتقضي ما تركته من عبادة في كلّ تلك الأيام السابقة.

( 77 ) الخامس :المبتدئة، وهي التي ترى الدم لأول مرّة.

وهذه تثبت أن الدم حيض إذا كان بصفات الحيض على ما تقدّم، فإذا حاضت وتجاوز دمها العشرة فلها حالتان كالمضطربة :

الاُولى : أن يكون الدم طيلة المدّة بصفات الحيض، فتلجأ إلى عادة أقاربها، فتجعل الحيض بعدد عادتهنّ، والباقي استحاضة، وإذا لم يتسنّ لها ذلك بأن لم يوجد لها أقارب أو كنّ مختلفات في عادتهنّ(1) أمكنها أن تجعل الحيض ستّة أو سبعة أيام(2)، والباقي استحاضة، واختيار الستّة أو السبعة يعود إليها.

الثانية : أن يكون الدم مختلفاً، فبعضه بصفة الحيض، وبعضه بدون هذه الصفة، فتجعل ما كان على شاكلة دم الحيض حيضاً، والباقي استحاضة، مع ملاحظة ما تقدّم من استثناءات في المضطربة.

وينبغي الإشارة إلى أنّ الحالة الثانية هنا كالحالة الثانية في المضطربة، تتحقّق : تارةً بأن يكون الدم في فترة أحمر وفي فترة اُخرى أصفر، وتتحقّق : اُخرى بأن يكون في فترة أسود أو مائلا إلى السواد، وفي فترة اُخرى أحمر فتجعل الحيض أشد الدمين لوناً.

تجاوز الدم للعشرة على قسمين :

( 78 ) وتجاوز الدم للعشرة الذي تنطبق عليه الأحكام السابقة على نحوين :

____________

(1) الظاهر لدى اختلاف الأقارب التخيير بين عاداتهنّ المختلفة.

(2) أو تفرض العدد في المرّة الاُولى عشرةً وفي باقي المرّات ثلاثة.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 265

--------------------------------------------------------------------------------



الأول : أن يظلّ الدم مستمرّاً بدون انقطاع حتّى تمضي عشرة أيام ويدخل اليوم الحادي عشر.


الثاني : أن يتواجد الدم فترةً وينقطع، وقبل أن يستمرّ الانقطاع عشرة أيام يعود الدم من جديد.

وأمّا إذا كانت فترة الانقطاع عشرة أيام فكلا الدمين حيض، وفقاً للقواعد السابقة. ولا ينطبق عليه حكم تجاوز الدم للعشرة.

تطبيقات وتكميلات :

( 79 ) مساعدةً للمرأة على التعرّف على الحكم الشرعي لما تراه من الدم على ضوء القواعد السابقة نستعرض في ما يلي عشر حالات، ونطبّق عليها ما تقدّم من قواعد ; لتكون لديها خبرة بكيفية تطبيق الحكم الشرعي :

1 ـ إذا رأت المرأة ـ أيّ امرأة ـ الدم بصفة الحيض ثلاثة أيام فصاعداً إلى عشرة، ثمّ انقطع عنها عشرة أيام، ثمّ رأته بنفس الصفة ثلاثة أيام فصاعداً إلى العشرة كان كلّ من الدمين حيضاً، والفترة الواقعة بينهما فترة طهر ونقاء.

2 ـ إذا رأت المرأة ـ أيّ امرأة ـ الدم بصفة الحيض ثلاثة أيام، ثمّ انقطع بضعة أيام، وعاد مرّةً اُخرى بصفة الحيض أيضاً، وانقطع قبل أن تتجاوز عشرة أيام من ابتداء الدم الأول معها اعتبرت هذه الأيام كلّها أيام حيض، بما فيها فترة الانقطاع القصيرة الواقعة بين الدمين.

3 ـ إذا رأت المرأة ـ أيّ امرأة ـ الدم بصفة الحيض، ثمّ انقطع قبل اكتمال ثلاثة أيام، وعاد بصفة الحيض بعد يوم أو يومين أو أكثر كان الدم الثاني حيضاً دون الأول ; لأ نّه لم يتوفّر فيه الشرط الثاني من الشروط العامة لدم الحيض الذي تقدم في الفقرة ( 57 ) من هذا الفصل.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 266

--------------------------------------------------------------------------------



4 ـ إذا رأت المرأة ـ أيّ امرأة ـ الدم بصفة الحيض ثلاثة أيام أو أكثر، ثمّ تحوّل الدم إلى أصفر يوماً أو يومين أو أكثر، وعاد بعد ذلك إلى صفة الحيض ولم يتجاوز عشرة أيام من ابتداء رؤية الدم جعلت الكلّ حيضاً.


5 ـ إذا رأت المرأة ـ أيّ امرأة باستثناء ذات العادة الوقتية ـ دماً أصفر فلا تعتبره حيضاً، بل تكون مستحاضة، وهذا الحكم ينطبق على ذات العادة العددية إذا رأت دماً أصفر، ولو استمرّ بعدد أيام عادتها فإنّها تعتبره استحاضةً لا حيضاً.

وأمّا ذات العادة الوقتية فما تراه من دم أصفر في غير موعدها المقرّر ينطبق عليها الحكم نفسه أيضاً، وما تراه في موعدها المقرّر يعتبر حيضاً، كما تقدم.

6 ـ إذا رأت المرأة في غير أيام العادة دماً أصفر اللون ثم أصبح أحمر بصفة الحيض، واستمرّ بالصفة نفسها ثلاثة أيام أو أكثر جعلت نفسها مستحاضةً في الأيام التي كان الدم فيها أصفر، واعتبرت الدم حيضاً من حين تواجده بصفة الحيض.

7 ـ ذات العادة الوقتية والعددية قد ترى الدم في أيام عادتها وينقطع قبل أن تستكمل العدد.

مثال ذلك : امرأة كان وقت عادتها أوّل الشهر وعدد أيام عادتها اُسبوعاً، فرأت الدم أوّل الشهر خمسة أيام، ثمّ انقطع خمسة أيام، وبعد ذلك رأت دماً بصفة الحيض اُسبوعاً فهل يمكن أن تعتبر الدم الثاني حيضاً بدلا عن الأول لأ نّه يتطابق مع العدد ؟

والجواب : لا، بل تعتبر الدم الأول حيضاً ولو كان أصفر، وتعتبر الثاني استحاضةً ولو كان بصفة الحيض.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 267

--------------------------------------------------------------------------------



8 ـ إذا رأت ذات العادة الوقتية دماً قبل موعدها بثلاثة أيام أو أكثر واستمرّ إلى أيام العادة وإلى ما بعدها وكان المجموع لا يزيد على عشرة أيام فهو منذ يومين قبل موعد العادة حيض بدون شكٍّ، سواء كان أحمر أو أصفر، وما كان منه قبل ذلك يعتبر حيضاً إذا كان بصفة الحيض، ويعتبر استحاضةً إذا لم يكن بصفته وعلى شاكلته.


9 ـ إذا رأت ذات العادة الوقتية والعددية دماً قبل موعدها الشهريّ بأيام واستمرّ إلى ما بعد انتهاء عادتها بأيام وتجاوز عشرة أيام من حين ابتدائه جعلت الدم الذي في أيام العادة حيضاً، وغيره ممّا تقدّم أو تأخّر عنه استحاضة، بمعنى أ نّها تقضي ما تركته في الفترة المتقدّمة أو المتأخّرة.

10 ـ إذا رأت ذات العادة العددية دماً بصفة الحيض ثلاثة أيام أو أكثر وانقطع، ثمّ عاد فترةً وتجاوز عشرة أيام من حين ابتداء الدم الأول فهنا حالات :

الاُولى : أن يكون عدد أيام عادتها مساوياً لفترة الدم الأول، فتجعله حيضاً دون سواه.

الثانية : أن يكون أقلّ منها، فتجعل الحيض بقدر عدد أيام عادتها من فترة الدم الأول، والباقي استحاضة.

الثالثة : أن يكون عدد أيام عادتها مساوياً لفترة الدم الأول، وفترة الانقطاع وحكمها هو حكم الحالة الاُولى.

الرابعة : أن يكون عدد أيام عادتها أزيد ممّا ذكرنا في الحالة الثالثة بيوم أو يومين ـ مثلا ـ أو أكثر من ذلك، فتجعل الدم الأول حيضاً، وتعتبر نفسها حائضاً من حين رؤيته إلى مضي يوم أو يومين من الدم الثاني ; لكي يتطابق مع أيام عادتها.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 268

--------------------------------------------------------------------------------



وكذلك الحال في ذات العادة العددية والوقتية معاً إذا رأت الدم بصفة الحيض على النحو المتقدم في غير موعدها الشهري.


الحاجة إلى غسل الحيض :

( 80 ) دم الحيض لا صلاة معه ولا صيام، فلا تجب الصلاة اليومية ولا صلاة الآيات، ولا صيام شهر رمضان على الحائض إلى أن تنقى من دم الحيض، فيجب عليها حينئذ ما يجب على غيرها من صلاة وصيام، ولكن لا تصحّ منها الصلاة إلاّ إذا اغتسلت غسل الحيض ; لأنّ دم الحيض يسبّب حدثاً شرعياً، ويعتبر هذا الحدث مستمرّاً حتّى بعد النقاء إلى أن تغتسل المرأة.

ولا يصحّ الغسل منها، ولا يرفع هذا الحدث إلاّ إذا وقع بعد النقاء من دم الحيض.

( 81 ) وكلّ ما يعتبر غسل الجنابة شرطاً لصحّته من العبادات فغسل الحيض شرط لصحّته أيضاً(1)، باستثناء صيام شهر رمضان، فإنّ المرأة إذا نقت من الدم قبل طلوع الفجر من شهر رمضان ولم تغتسل حتّى طلع عليها الفجر فصامت واغتسلت بعد الطلوع صحّ صومها، خلافاً لما تقدم في الفقرة ( 39 ) عن الجنب في ليل شهر رمضان من : أ نّه يجب عليه أن يغتسل قبل طلوع الفجر.

ما يحرم بالحيض :

( 82 ) يحرم على الحائض كلّ ما يحرم على الجنب، ممّا تقدم في الفقرات

____________

(1) معنى أنّ غسل الجنابة أو غسل الحيض شرط لصحة العبادة : أنّ العبادة لا تصحّ إذا لم يكن المكلّف قد اغتسل.(منه (رحمه الله)).


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 269

--------------------------------------------------------------------------------



( 44 )، و ( 45 )، و ( 46 )، و ( 47 ).

وأيضاً يحرم عليها وعلى زوجها الاتّصال بالجماع، فلا يحلّ للزوج أن يجامع زوجته إلاّ بعد نظافتها ونقائها من دم الحيض، فإذا نقت من الدم واغتسلت منه الغسل الشرعي، أو غسلت مخرج الدم ـ على الأقلّ ـ كان الاتّصال الجنسي بها سائغاً، وإذا عصى الزوج وغلبته شهوته فوطئ أثم، ولا كفّارة عليه ولا عليها، وله أن يستمتع بغير الجماع كيف يشاء، ويكره له أن يستمتع بأيّ شيء بين ركبتها وسرّتها ( وهي التجويف الصغير المعهود في وسط البطن ).

( 83 ) وإذا قارب الزوج زوجته قبل الحيض أو في أثناء الحيض اجتمع عليها أثر الحيض وأثر الجنابة، فإذا اغتسلت من الجنابة حال الحيض صّح غسلها وارتفع أثر الجنابة، وبقي أثر الحيض.

أحكام اُخرى بشأن الحائض :

( 84 ) على الحائض أن تقضي بعد الطهر كلّ ما فاتها من الصيام الواجب، سواء وجب وفاءً لشهر رمضان المبارك أم لنذر، كما لو نذرت صيام الجمعة من أوّل الشهر القادم فحاضت فيه فعليها أن تفطر وتقضيه، ولا يجب عليها أن تقضي الصلوات الخمس والصلاة المنذورة وصلاة الآيات.

ويبطل طلاق الحائض، إلاّ أن تكون حاملا أو غير مدخول بها، أو كان زوجها غائباً عنها، على التفصيل الذي يأتي في القسم الثالث من الفتاوى الواضحة.

وإن طلّقها باعتقاد أ نّها طاهرة من الحيض فانكشف أ نّها حائض بطل طلاقها، وإن طلّقها على أ نّها حائض فظهر أ نّها طاهر فما هو الحكم ؟

الجواب : إن كان على يقين بأ نّها حائض، وبأنّ طلاق مثلها لا أثر له، وإنمّا
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 270

--------------------------------------------------------------------------------



قال كلمة " الطلاق " لثقته بذلك فالطلاق باطل وإن وقع في طهر حيث لا قصد هنا في حقيقة الأمر، وإن كان جاهلا بالحيض أو عالماً به وجاهلا بأنّ الطهارة من الحيض شرط أساسي في صحة الطلاق فالطلاق صحيح.

( 85 ) وتصحّ من الحائض في حال الحيض الأغسال المندوبة، وكذلك الوضوء، ويستحبّ لها في أوقات الصلاة أن تتوضّأ تقرّباً إلى الله تعالى، وتجلس بقدر صلاتها، فتستقبل القبلة تذكر الله وتسبّح بحمده.

غسل الحيض وكيفيته :

( 86 ) غسل الحيض طاعة ومندوب في نفسه، وواجب من أجل صلاة الفريضة، فإنّها لا تصحّ من المرأة الحائض بعد النقاء إلاّ إذا اغتسلت. وكيفيته نفس الكيفية العامة للغسل المتقدّمة في الفقرة ( 10 ) و ( 11 ).

وتجب فيه نية القربة بأحد الأوجه المتقدّمة في غسل الجنابة في الفقرة ( 53 ).

كما أنّ نفس الحالات التي استعرضناها في الفقرة ( 54 ) من غسل الجنابة تجري مع أحكامها في المرأة الحائض إذا اغتسلت بعد النقاء.



1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 التالية
سلاطين
سلاطين
Admin

ذكر عدد الرسائل : 53
العمر : 47
الموقع : www.islamhouse.com
تاريخ التسجيل : 16/05/2008

https://binbaz.mam9.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى