منتدى الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

أحكام القرآن لأبن العربي رحمه الله تعالى

اذهب الى الأسفل

أحكام القرآن لأبن العربي رحمه الله تعالى Empty أحكام القرآن لأبن العربي رحمه الله تعالى

مُساهمة من طرف سلاطين الأحد يونيو 15, 2008 12:22 pm

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
http://www.feqh.al-islam.com/
المملكة العربية السعودية
وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد


الصفحة الرئيسة > الفقه > تصنيف الكتب > أحكام القرآن لابن العربي > سورة الفاتحة فيها خمس آيات > الآية الأولى قوله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم



(إخفاء التشكيل)
مسألة تالية مسألة سابقة



سُورَةُ الْفَاتِحَةِ فِيهَا خَمْسُ آيَاتٍ الْآيَةُ الْأُولَى [ قَوْله تَعَالَى ] : { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } فِيهَا مَسْأَلَتَانِ : الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : قَوْله تَعَالَى : { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } . اتَّفَقَ النَّاسُ عَلَى أَنَّهَا آيَةٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ النَّمْلِ ، وَاخْتَلَفُوا فِي كَوْنِهَا فِي أَوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ ، فَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ : لَيْسَتْ فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ بِآيَةٍ ، وَإِنَّمَا هِيَ اسْتِفْتَاحٌ لِيُعْلَمَ بِهَا مُبْتَدَؤُهَا . وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : هِيَ آيَةٌ فِي أَوَّلِ الْفَاتِحَةِ ، قَوْلًا وَاحِدًا ؛ وَهَلْ تَكُونُ آيَةً فِي أَوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ ؟ اخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ ؛ فَأَمَّا الْقَدْرُ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِالْخِلَافِ مِنْ قِسْمِ التَّوْحِيدِ وَالنَّظَرِ فِي الْقُرْآنِ وَطَرِيقِ إثْبَاتِهِ قُرْآنًا ، وَوَجْهُ اخْتِلَافِ الْمُسْلِمِينَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مِنْهُ ، فَقَدْ اسْتَوْفَيْنَاهُ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ ، وَأَشَرْنَا إلَى بَيَانِهِ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ ، وَوَدِدْنَا أَنَّ الشَّافِعِيَّ لَمْ يَتَكَلَّمْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ، فَكُلُّ مَسْأَلَةٍ لَهُ فَفِيهَا إشْكَالٌ عَظِيمٌ . وَنَرْجُو أَنَّ النَّاظِرَ فِي كَلَامِنَا فِيهَا سَيَمْحِي عَنْ قَلْبِهِ مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدْ سَدَلَ مِنْ إشْكَالٍ بِهِ . فَائِدَةُ الْخِلَافِ : وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِالْأَحْكَامِ أَنَّ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ عِنْدَنَا ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ ، خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ حَيْثُ يَقُولُ : إنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ ، فَتَدْخُلُ { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } فِي الْوُجُوبِ عِنْدَ مَنْ يَرَاهُ ، أَوْ فِي الِاسْتِحْبَابِ [ كَذَلِكَ ] . وَيَكْفِيَك أَنَّهَا لَيْسَتْ بِقُرْآنٍ لِلِاخْتِلَافِ فِيهَا ، وَالْقُرْآنُ لَا يُخْتَلَفُ فِيهِ ، فَإِنَّ إنْكَارَ الْقُرْآنِ كُفْرٌ . فَإِنْ قِيلَ : وَلَوْ لَمْ تَكُنْ قُرْآنًا لَكَانَ مُدْخِلُهَا فِي الْقُرْآنِ كَافِرًا ؛ قُلْنَا : الِاخْتِلَافُ فِيهَا يَمْنَعُ مِنْ أَنْ تَكُونَ آيَةً ، وَيَمْنَعُ مِنْ تَكْفِيرِ مَنْ يَعُدُّهَا مِنْ الْقُرْآنِ ؛ فَإِنَّ الْكُفْرَ لَا يَكُونُ إلَّا بِمُخَالَفَةِ النَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ فِي أَبْوَابِ الْعَقَائِدِ . فَإِنْ قِيلَ : فَهَلْ تَجِبُ قِرَاءَتُهَا فِي الصَّلَاةِ ؟ قُلْنَا : لَا تَجِبُ ، فَإِنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَوَى { أَنَّهُ صَلَّى خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ ، فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ يَقْرَأُ : { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } وَنَحْوَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ } . فَإِنْ قِيلَ : الصَّحِيحُ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ : فَكَانُوا يَفْتَتِحُونَ الصَّلَاةَ بِالْحَمْدِ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ : مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَقْرَءُونَ شَيْئًا قَبْلَ الْفَاتِحَةِ . قُلْنَا : وَهَذَا يَكُونُ تَأْوِيلًا لَا يَلِيقُ بِالشَّافِعِيِّ لِعَظِيمِ فِقْهِهِ ، وَأَنَسٍ وَابْنِ مُغَفَّلٍ إنَّمَا قَالَا هَذَا رَدًّا عَلَى مَنْ يَرَى قِرَاءَةَ : { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } فَإِنْ قِيلَ : فَقَدْ رَوَى جَمَاعَةٌ قِرَاءَتَهَا ، وَقَدْ تَوَلَّى الدَّارَقُطْنِيُّ جَمِيعَ ذَلِكَ فِي جُزْءٍ صَحَّحَهُ . قُلْنَا : لَسْنَا نُنْكِرُ الرِّوَايَةَ ، لَكِنَّ مَذْهَبَنَا يَتَرَجَّحُ بِأَنَّ أَحَادِيثَنَا ؛ وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ فَإِنَّهَا أَصَحُّ ، وَبِوَجْهٍ عَظِيمٍ وَهُوَ الْمَعْقُولُ فِي مَسَائِلَ كَثِيرَةٍ مِنْ الشَّرِيعَةِ ، وَذَلِكَ أَنَّ مَسْجِدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ انْقَضَتْ عَلَيْهِ الْعُصُورُ ، وَمَرَّتْ عَلَيْهِ الْأَزْمِنَةُ مِنْ لَدُنْ زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى زَمَانِ مَالِكٍ ، وَلَمْ يَقْرَأْ أَحَدٌ [ قَطُّ ] فِيهِ { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } اتِّبَاعًا لِلسُّنَّةِ . بَيْدَ أَنَّ أَصْحَابَنَا اسْتَحَبُّوا قِرَاءَتَهَا فِي النَّفْلِ ، وَعَلَيْهِ تُحْمَلُ الْآثَارُ الْوَارِدَةُ فِي قِرَاءَتِهَا .



بحث نصى في المرجع بحث فقهي في المرجع






بحث متقدم



البحث
البحث النصي ::

البحث الفقهي ::



المعاجم
معجم غريب الألفاظ ::

معجم المصطلحات ::




المراجع
تصنيف المراجع ::

ترتيب المراجع زمنيا ::

ترتيب المراجع أبجديا ::



الفهارس
الأدلة ::

الأعلام ::

الفقهاء ::

المذاهب ::

الكتب ::

المسائل ::

القواعد ::

الفوائد ::







الرئيسة | اتصل بنا
جميع الحقوق محفوظة للوزارة إلا لأغراض بحثية أو دعوية
محتويات الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الوزارة

سُورَة الْبَقَرَةِ اعْلَمُوا وَفَّقَكُمْ اللَّهُ أَنَّ عُلَمَاءَنَا قَالُوا : إنَّ هَذِهِ السُّورَةَ مِنْ أَعْظَمِ سُوَرِ الْقُرْآنِ ؛ سَمِعْتُ بَعْضَ أَشْيَاخِي يَقُولُ : فِيهَا أَلْفُ أَمْرٍ ، وَأَلْفُ نَهْيٍ ، وَأَلْفُ حُكْمٍ ، وَأَلْفُ خَبَرٍ ، وَلِعَظِيمِ فِقْهِهَا أَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ثَمَانِي سِنِينَ فِي تَعَلُّمِهَا ، وَقَدْ أَوْرَدْنَا ذَلِكَ عَلَيْكُمْ مَشْرُوحًا فِي الْكِتَابِ الْكَبِيرِ فِي أَعْوَامٍ ، وَلَيْسَ فِي فَضْلِهَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ إلَّا مِنْ طَرِيقِ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ وَإِنَّ الْبَيْتَ الَّذِي تُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ لَا يَدْخُلُهُ شَيْطَانٌ } خَرَّجَهُ التِّرْمِذِيُّ . وَعَدَمُ الْهُدَى وَضَعْفُ الْقُوَى وَكَلَبُ الزَّمَانِ عَلَى الْخَلْقِ بِتَعْطِيلِهِمْ وَصَرْفِهِمْ عَنْ الْحَقِّ ، وَاَلَّذِي حَضَرَ الْآنَ مِنْ أَحْكَامِهَا فِي هَذَا الْمَجْمُوعِ تِسْعُونَ آيَةً : الْآيَةُ الْأُولَى : قَوْله تَعَالَى : { الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ } فِيهَا مَسْأَلَتَانِ : الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : { يُؤْمِنُونَ } : قَدْ بَيَّنَّا حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ ، وَمِنْهَا تُؤْخَذُ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : حَقِيقَةُ الْغَيْبِ وَاخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ فِيهِ : قَوْلُهُ : { بِالْغَيْبِ } . وَحَقِيقَتُهُ مَا غَابَ عَنْ الْحَوَاسِّ مِمَّا لَا يُوصَلُ إلَيْهِ إلَّا بِالْخَبَرِ دُونَ النَّظَرِ ، فَافْهَمُوهُ . وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ : الْأَوَّلِ : مَا ذَكَرْنَاهُ كَوُجُوبِ الْبَعْثِ ، وَوُجُودِ الْجَنَّةِ وَنَعِيمِهَا وَعَذَابِهَا وَالْحِسَابِ . الثَّانِي : بِالْقَدَرِ . الثَّالِثِ : بِاَللَّهِ تَعَالَى . الرَّابِعِ : يُؤْمِنُونَ بِقُلُوبِهِمْ الْغَائِبَةِ عَنْ الْخَلْقِ لَا بِأَلْسِنَتِهِمْ الَّتِي يُشَاهِدُهَا النَّاسُ ، مَعْنَاهُ : لَيْسُوا بِمُنَافِقِينَ ، وَكُلُّهَا قَوِيَّةٌ إلَّا الثَّانِي وَالثَّالِثَ فَإِنَّهُ يُدْرَكُ بِصَحِيحِ النَّظَرِ ، فَلَا يَكُونُ غَيْبًا حَقِيقَةً ، وَهَذَا الْأَوْسَطُ ، وَإِنْ كَانَ عَامًّا فَإِنَّ مَخْرَجَهُ عَلَى الْخُصُوصِ . وَالْأَقْوَى هُوَ الْأَوَّلُ ؛ أَنَّهُ الْغَيْبُ الَّذِي أَخْبَرَ بِهِ الرَّسُولُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِمَّا لَا تَهْتَدِي إلَيْهِ الْعُقُولُ ، وَالْإِيمَانُ بِالْقُلُوبِ الْغَائِبَةِ عَنْ الْخَلْقِ ، وَيَكُونُ مَوْضِعُ الْمَجْرُورِ عَلَى هَذَا رَفْعًا ، وَعَلَى التَّقْدِيرِ الْأَوَّلِ يَكُونُ نَصْبًا ، كَقَوْلِك : مَرَرْت بِزَيْدٍ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ مُقَدَّرًا نَصْبًا ، كَأَنَّهُ يَقُولُ : جَعَلْتُ قَلْبِي مَحَلًّا لِلْإِيمَانِ ، وَذَلِكَ الْإِيمَانُ بِالْغَيْبِ عَنْ الْخَلْقِ . وَكُلُّ هَذِهِ الْمَعَانِي صَحِيحَةٌ لَا يُحْكَمُ لَهُ بِالْإِيمَانِ وَلَا بِحِمَى الذِّمَارِ ، وَلَا يُوجِبُ لَهُ الِاحْتِرَامَ ، إلَّا بِاجْتِمَاعِ هَذِهِ الثَّلَاثِ ؛ فَإِنْ أَخَلَّ بِشَيْءٍ مِنْهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ حُرْمَةٌ وَلَا يَسْتَحِقُّ عِصْمَةً .
سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ فِيهَا سِتّ وَعِشْرُونَ آيَة الْآيَة الْأُولَى قَوْله تَعَالَى : { إنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنْ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } قَالَ بَعْضُ عُلَمَائِنَا : هَذِهِ الْآيَةُ دَلِيلٌ عَلَى الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ ، وَإِنْ أَدَّى إلَى قَتْلِ الْآمِرِ بِهِ . وَقَدْ بَيَّنَّا فِي كِتَابِ " الْمُشْكِلَيْنِ " الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ وَآيَاتُهُ وَأَخْبَارُهُ وَشُرُوطُهُ وَفَائِدَتِهِ . وَسَنُشِيرُ إلَى بَعْضِهِ هَاهُنَا فَنَقُولُ : الْمُسْلِمُ الْبَالِغُ الْقَادِرُ يَلْزَمُهُ تَغْيِيرُ الْمُنْكَرِ ؛ وَالْآيَاتُ فِي ذَلِكَ كَثِيرَةٌ ، وَالْأَخْبَارُ مُتَظَاهِرَةٌ ، وَهِيَ فَائِدَةُ الرِّسَالَةِ وَخِلَافَةِ النُّبُوَّةِ ، وَهِيَ وِلَايَةُ الْإِلَهِيَّةِ لِمَنْ اجْتَمَعَتْ فِيهِ الشُّرُوطُ الْمُتَقَدِّمَةُ . وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِهِ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ . وَقَالَتْ الْمُبْتَدِعَةُ : لَا يُغَيِّرُ الْمُنْكَرَ إلَّا عَدْلٌ ، وَهَذَا سَاقِطٌ ؛ فَإِنَّ الْعَدَالَةَ مَحْصُورَةٌ فِي قَلِيلٍ مِنْ الْخَلْقِ ، وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ عَامٌّ فِي جَمِيعِ النَّاسِ . فَإِنْ اسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى : { أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ } وقَوْله تَعَالَى { كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ } وَنَحْوِهِ . قُلْنَا : إنَّمَا وَقَعَ الذَّمُّ هَاهُنَا عَلَى ارْتِكَابِ مَا نُهِيَ عَنْهُ ، لَا عَنْ نَهْيِهِ عَنْ الْمُنْكَرِ وَكَذَلِكَ مَا رُوِيَ فِي الْحَدِيثِ مِنْ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى قَوْمًا تُقْرَضُ شِفَاهُهُمْ بِمَقَارِيضَ مِنْ نَارٍ ، فَقِيلَ لَهُ : هُمْ الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَيَأْتُونَهُ ، إنَّمَا عُوقِبُوا عَلَى إتْيَانِهِمْ } . وَلَا شَكَّ فِي أَنَّ النَّهْيَ عَنْهُ مِمَّنْ يَأْتِيه أَقْبَحُ مِمَّنْ لَا يَأْتِيه عِنْدَ فَاعِلِهِ فَيَبْعُدُ قَبُولُهُ مِنْهُ . وَأَمَّا الْقُدْرَةُ فَهِيَ أَصْلٌ ، وَتَكُونُ مِنْهُ فِي النَّفْسِ وَتَكُونُ فِي الْبَدَنِ إنْ احْتَاجَ إلَى النَّهْيِ عَنْهُ بِيَدِهِ ، فَإِنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ تَغْيِيرِهِ الضَّرْبَ أَوْ الْقَتْلَ ، فَإِنْ رَجَا زَوَالَهُ جَازَ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ الِاقْتِحَامُ عِنْدَ هَذَا الْغَرَرِ ، وَإِنْ لَمْ يَرْجُ زَوَالَهُ فَأَيُّ فَائِدَةٍ فِيهِ ؟ وَاَلَّذِي عِنْدَهُ : أَنَّ النِّيَّةَ إذَا خَلَصَتْ فَلْيَقْتَحِمْ كَيْفَمَا كَانَ وَلَا يُبَالِي . فَإِنْ قِيلَ : هَذَا إلْقَاءٌ بِيَدِهِ إلَى التَّهْلُكَةِ . قُلْنَا : قَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الْآيَةِ فِي مَوْضِعِهَا ، وَتَمَامُهَا فِي شَرْحِ الْمُشْكِلَيْنِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ . فَإِنْ قِيلَ : فَهَلْ يَسْتَوِي فِي ذَلِكَ الْمُنْكَرُ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ اللَّه تَعَالَى مَعَ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ الْآدَمِيِّ ؟ قُلْنَا : لَمْ نَرَ لِعُلَمَائِنَا فِي ذَلِكَ نَصًّا . وَعِنْدِي أَنَّ تَخْلِيصَ الْآدَمِيِّ أَوْجَبُ مِنْ تَخْلِيصِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى ؛ وَذَلِكَ مُمَهَّدٌ فِي مَوْضِعِهِ . .
سلاطين
سلاطين
Admin

ذكر عدد الرسائل : 53
العمر : 47
الموقع : www.islamhouse.com
تاريخ التسجيل : 16/05/2008

https://binbaz.mam9.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى